مقدمة
نود التنويه إلى أننا لا ننظر إلى النظام الرأسمالي على أنه عدوا في لمطلق كما أننا لا نود خوض صراعات دونكيشوتية حول هذا الموضوع، نحن فقط نرى أن هذه المنظومة تفرض منوال عيش غير عادل و لا بد من إعادة النظر في أسسه , خاصة بعد أن أثبتت الأزمات الإقتصادية والمالية العديدة وآخرها أزمة فيروس “كورونا” ما كنا نحاول شرحه من تحديات تجابه الإنسانية بفعل تحول منظومة الليبرالية إلى لبيرالية متوحشة و هي التي قامت و لا تزال على مبدأ فوضويا و هو مبدأ “دعه يعمل، دعه يمر” ، و كنا دائما نتسائل عن حدود هذه الحرية، و شروط العمل المنظمة له و ما هو محتوى هذا العمل،هل هو لفائدة أفراد أم لفائدة المجموعة. نحن لسنا ضد العمل و المبادرة و الإبداع ولكننا ضد تحول هذا المبدأ إلى آلية لفتح باب جهنم على الفقراء و العمال و قد تأكدت قناعتنا لما تحول عالمنا إلى عالمين , عالم المال و المال الافتراضي و عالم الاقتصاد الحقيقي , مع تفوق ساحق لعالم المال , الذي صار يحدد مسارات الاقتصاد العالمي طبقا لمصلحة فئة صغيرة تتلخص علاقتها بالاقتصاد في ما يمكن أن تجنيه من ربح عبر السمسرة من خلال بوروسات وول ستريت بنيويويورك و الكاك 40 الفرنسية ونيكاي اليابنية وبورصة شانغاي الصينية… ،حيث صار يتم رهن الثروات الوطنية و تحديد أسعارها من قبل أشخاص و مؤسسات لا علاقة مباشرة لها بما تنتجه بلدان العلم الثالث.
ولكن التحولات السياسية الكبرى كما نراها،التي تهز العالم الرأسمالي والاشتراكي وباقي المنظومات الإقتصادية الدولية تدفعنا للتفكير في ما نراه ونعيشه ونحاول الاجتهاد في فهم طبيعة العلاقة بين المؤسسات والأشخاص الفاعلين في الأحداث المتواترة في هذه الفترة،والذين فرضوا ذواتهم بقراراتهم وآرائهم ومبادراتهم مثل البنك الفيديرالي الأمريكي ومؤسسة بلاك روك المالية والتي ظهرت لنا نحن فجأة ودون مقدمات،إضافة إلى مؤسسة بيل وميلاندا غايتس مع مخابر الأدوية والبحث العالمية وأخيرا رؤساء مثل دونالد ترامب وماكرون وبوريس جونسن،وسنحاول البدء باستعراض مبادرات مختلف الأطراف المذكورة والبحث عن الخيط الرابط.
بيل غايتس شريك فاعل في البحث عن الحلول المستقبلية لعالم رقمي خال من الأوبئة
ونود التنويه بداية، إلى أن الرجوع إلى رجلا في قيمة “بيل غايتس” العلمية و الدولية ليست للبحث عن تعلات تسهل علينا البحث عن “كبش فداء” نعلق عليه مشاكلنا و مشاكل العالم بأسره , بل الغاية هي فقط البحث في الأحداث التي تجري أمام أعيننا , علنا نفهم ما يحصل و لو بقدر، ماذا يحصل في العالم وهو يعيش إرهاصات تحولات اقتصادية واجتماعية وفكرية يمكن أن تكون محددة في مستقبل الأيام، يقــول “ويليام إنقدال” في مقالة بعنوان “فيروس كورونا و مؤسسة غايتس” نشرها بالموقع ذائع الصيت Mondialisation.ca بتاريخ 20 مارس 2020 , أن هذه المؤسسة و التي تسمى مؤسسة بيل و ميلاندا غايتس , كانت من أكثر المؤسسات اهتماما في العالم بالفيروس الجديد منذ 2015 بعد ظهور فيروس sarsو وقد وصل بها الأمر إلى إجراء عملية بيضاء تفترض التوقي من وباء الكورونا , فقط بعض أسابيع قبل الإعلان عن الفيروس في ولاية “يوهان” الصينية , وهو ما يدفع للتساؤل عن هذا الاهتمام و التوقيت ؟
يقول الباحث أن “بيل غايتس” قدم محاضرة بتاريخ 18 مارس 2015 في مدينة “فان كوفر” الأمريكية و حذر من فرضية قدوم وباء يتسبب في وفاة 10 ملايين شخص و أشار إلى ضعف البحث العلمي في هذا المجال , كما كتب غايتس مقالة في نفس السنة للصحيفة الطبية”نيو أنجلاند” أشار فيه إلى احتمال ظهور و باء فتاك مؤكد و أنه يجب الدفع نحو البحث عن علاج بصفة مبكرة و تكليف مخابر طبية مثل مخبري “مودرنا” و “كرفاك” الألمانيين بهذه المهمة و قد تحصل المخبرين فعلا على تمويلات هامة للبحث عن علاج لفيروس كورونا .
في سنة 2017 و بمناسبة ملتقى دافوس قام غايتس بإنشاء اتحاد علمي عالمي من أجل التوقي من الأوبئة بمساعدة دول مثل النرويج و ألمانيا و الهند ..ووفر التمويلات اللازمة للبحث ،و في سنة 2019 قام هذا التحالف بتصوير فلم “خيال علمي” تم بثه على شبكة “نات فليكس” و يتحدث هذا الفلم عن سوق رطبة في الصين أين تتكدس عدة أصناف من الحيوانات يظهر بسببها فيروس قاتل و ينتشر إلى كل العالم و قد تم عرض الفيلم أسابيع قليلة قبل أن يتم الحديث عبر وسائل الإعلام العالمية عم إمكانية تسبب الخفافيش بسوق ووهان في ظهور فيروس كورونا بنفس المدينة .
وقد ساهمت مؤسسة” غايتس” كذلك في شهر أكتوبر 2019 مع “مركز جون هوبكنس” للأمن الصحي الأمريكي في إعداد سيناريو افتراضي لانتشار فيروس عالمي سمي” حدث 201″ يتحدث عن ظهور فيروس كورونا من أصل حيواني و يتوقع وفاة 65 مليون شخص.والملفت للنظر في هذا الفيلم هو مشاركة الأستاذ جورج نوفادو و هو مدير المركز الصيني للتوقي من الفيروسات منذ 2017 و المديرة المساعدة السابقة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية في فترة حكم أوباما و الأميرال ستيفان راد مدير مركز التوقي من الأوبئة الأمريكي و ادريان توماس نائب رئيس “جونسن_جونسن” عملاق الصناعات الطبية . و مارتن كنوشال المسؤول عن إدارة الأزمات بشركة “لوفتهانزا”الألمانية .
وقد قامت مؤسسة “غايتس” بتمويل عدة مخابر عالمية : ألمانية و أنجليزية و أمريكية لإنتاج مصل مضاد لما أصبح يسمى بـ سارس كوفيد 2 .و يؤكد الباحث ويليام إنقدال أن هذا اللقاح ستتم تجربته في الأشهر القادمة على الإنسان مباشرة و في مخالفة للبروتوكولات الطبية المعتادة و التي تفترض إنتاج لقاح بعد سنة أو سنة و نصف أي بعد التأكد منه إكلينيكيا ثم تجربته على الحيوانات ثم المصاقة عليه من قبل السلط العلمية المختصة مع العلم أن وسائل إعلام مختلفة تحدثت عن عزم بيل غايتس على إعطاء الأولوية لإفريقيا !!
أخيرا , يشير الباحث إلى أن مِؤسسة “غايتس” هي ثاني ممول لمنظمة الصحة العالمية بعد الولايات المتحدة , هذه المؤسسة التي برأسها “تادروس ادانوم الأثير” و هو أول رئيس للمنظمة لم يشتغل بالطب إنما عمل لعدة سنوات على فيروس مع مؤسسة “بيل غايتس” . VIH بالفيروسات (في إيحاء إلى تراخي المنظمة العالمية للصحة في مواجهة الفيروس)،وقد دفع بيل غايتس ألاف ملايين الدولارات لتطوير مجال البحث في الفيروسات بينما تفتك أمراض السرطان و تصلب شرايين القلب و تلوث المياه عشرات ألآف الأشخاص بإفريقيا و أمريكا اللاتينية يوميا ،وللحفاظ بقدر الإمكان على حيادية المقال سنكتفي باستعراض جملة من التسائلات التي طرحها مفكرين وعلماء وفلاسفة تابعوا هذه الأحداث.
غموض الخيارات والأحداث الحالية
هي جملة من التسائلات والملاحظات حول الأسباب الغير معلنة والمتعلقة بهذا الفيروس المعلن عنه منذ 2015 باسمه الذي نعرفه اليوم .
تقول مجلة “فاينانشل تايمز” في عدد بتاريخ 17 أفريل 2020 “أكيد أن شيئا ما وقع و لا زلنا لا نعرفه” .و يؤكد الأستاذ “لوك مونتانيي” و هو أستاذ في علم الفيروسات يعمل بمعهد باستور في فرنسا و هو حائز على جائزة نوبل لسنة 2008 يقول في حصة تلفزية بقناة L.C.P بتاريخ 5 أفريل 2020 أن هذا الفيروس هو خليط بين فيروس السيدا والكورونا و كانت الغاية من ذلك هي إنتاج لقاح و قد تمت هذه التجارب في كل من معهد باستور بفرنسا و مخابر أمريكية و صينية و هندية و أكد أنهم يعرفون طبيعة الفيروس و لكن عديد الجهات الفاعلة بما في ذلك منظمة الصحة العالمية رفضت نشر هذه الحقائق.
وأكد كل من “مايك بومبيو” كاتب دولة للأمن القومي بأمريكا و “إيمانيال ماكرون” رئس فرنسا و “بوريس جونسن” رئيس وزراء بريطانيا أن ما حدث في مدينة ووهان الصينية غير مفهوم (وهذه مغالطة بشهادة لوك مونتانيي عالم الفيروسات الفرنسي وعلم المخابرات المركزية الأمريكية بالموضوع منذ شهر ديسمبر 2019), و صرح هؤلاء بوضوح عجزهم عن فهم تسارع الأحداث في العالم وعدم قدرتهم على وضع برامج و وسائل لمجابهة هذه الجائحة، بسبب عنصر الفجئية والسرعة (هذا هو المعلن) ولكن السؤال هل هو عجز عن المواجهة أم عدم اهتمام بالبحث عن توفير وسائل التوقي والعلاج كما عبر عن ذلك دوناد ترامب صراحة ودعا إلى ترك الفيروس ينتشر بشكل طبيعي قصد اكتساب مناعة جماعية وإعطاء الفرصة للمؤسسات الاقتصادية لتواصل عملها وتتجنب الخسارة،
وأخيرا يقول بيل غايتس في صحيفة لوموند الفرنسية في 12 أفريل 2020 في مقالة بعنوان “مقارنة شاملة لمقاومة الوباء” ” أن هذا الوباء سيستهدف البلدان الفقيرة و ستكون نتائجه هامة جدا , في إشارة إلى ضرورة الإسراع بتمكين إفريقيا من لقاح بينما دعا الأستاذ “راوولت” الطبيب و الباحث الفرنسي إلى عدم قبول هذه اللقاحات، لذلك يتأكد السؤال حول طبيعة هذا اللقاح الذي تتدعي عدة جهات أنه سيساهم في الحد من الخصوبة والتحكم عن بعد في تطور الديموغرافيا العالمية ، مع العلم أن العديد من المفكرين الغربيين لطالما رددوا القول أن التحكم في التطور الديموغرافي يمكن أن يكون أن يكون حلا لمشكلة التلوث و ضغط الإنسان على الأرض بسبب الحاجة ،ونضيف أن تواتر الحديث عن إمكانية وضع شريحة إلكترونية بيد الأفراد قصد متابعتهم ومراقبة تفشي هذا الوباء يدفعنا للتساؤل حول الأهداف الحقيقية وراء كل هذا الجهد المبذول من قبل نفس الجهات ؟
الشركات متعددة الجنسيات في مواجهة الوباء
يقول “بيبي إسكوبار” في مقالة بعنوان “برج مراقبة الكون أثناء الحجر الصحي ليس سوى تمرين استباقي” في موقع مؤسسة “الثقافة الإستراتيجية” يوم 2 أفريل 2020،أن ما يحدث في هذه اللحظة التاريخية هو بداية لا نعلم مآلاتها والقوى المتحكمة فيها، كما تعددت الدراسات و المقالات التي ترصد وتطرح تساؤلات حول مجمل الإجراءات في مستوى المؤسسات الدولية مثل البنك الفيدرالي الأمريكي و البنك الدولي و بنك غولدمان ساكس و كل المؤسسات المالية و الحكومية في هذه الدائرة الضيقة و المغلقة يدفعنا نحن كذلك للتساؤل حول ما يحدث بين المؤسسات المالية العالمية و الذي يتجاوز برييتن وودز2.0
و يذكر نفس الباحث أن البنك الفيدرالي الأمريكي تحصل على مبلغ 4.5 بليون دولار عوض مبلغ 454 مليون دولار الذي كان سيعرض ضمن مشروع قانون أمام الكونغرس , علما أنه لا يسمح لأي مؤسسة بمقتضى القانون السؤال حول الجهة التي ستستلم هذه المبالغ ، حيث أن القانون الذي سمح بإقرار المبلغ المذكور , ألغى القانون المتعلق بحرية الإطلاع على حركة الأموال بالاحتياطي الفيدرالي , أما الجهة التي ستتسلم هذه المبالغ فهي مؤسسة بلاك روك ،وهي مؤسسة مالية حديثة مقرها نيويورك،وقد تكفلت بشراء ثلثي سندات الأصول للشركات الكبرى خلال سنة 2020.
وتعتبر مؤسسة بلاك روك أكبر مؤسسة مالية عالمية تأسست سنة 1988 و هي (Black rock) شريكة عدة شركات متعددة الجنسيات مثل :% Exxon Mobile 5 و Apple5% و Goldman Sachs . Deutsche Bankو Jr.Morgan، و هي أهم ممول Google.
هذه المؤسسة ستشتري كل المعروض لفائدة الحكومة الأمريكية و البنك الفيدرالي مما يجعل البنك فاعلا مهما في بورصة “وول ستريت” و نود الإشارة هنا إلى أن الخلاصة التي يدفع نحوها هذا الباحث في مقالته (إضافة إلى عدة باحثين وصحافيين ىخرين) هي أن عملية ضخ كل هذه الأموال للمؤسسات البنكية القصد منها الإستحواذ على الشركات متعددة الجنسيات المفلسة و هو ما سينتج عنه ملايين العاطلين عن العمل دون وجود آفاق واضحة ,( 26 مليون طاب شغل بالولايات المتحدة إلى غاية الآن) و سينقسم العالم إلى عالمين , الأول تقوده الصين من خلال طريق الحرير و الثاني تقوده أمريكا، و سيبقي الإتحاد الأوروبي متأرجحا بين العالمين . و يختم الباحث بشرح سيناريو كثر الحديث عنه في وسائل الإعلام الغربية , و هو خلق شبكة من المدن الذكية ترتبط عبر الشبكة الرقمية من خلال زرع شريحة إلكترونية صغيرة تسمح بتسجيل تحركات الأشخاص و تعاملهم من السوق و الإدارة بشكل رقمي مما يستوجب رقمنة عالمية موحدة بتقنية ID (وهو ما يذكرنا بالشريحة المزمع زرعها عالميا لمتابعة فيروس covid-19 )
وهو ما يعني بالضرورة غياب لعالمنا الحالي , وبدء الإعداد لدولة عالمية تعتمد عملة إلكترونية موحدة إضافة إلى رقمنة الحياة بكل جزئياتها،هذا ما يخلص له آسكوبار بعد عرض مطول لمجمل العمليات المالية والتجارية الجارية الآن والتي تخص الشركات العالمية الكبرى.
و قد أكد دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة هذا التوجه حين أعلن بالبيت الأبيض في بداية شهر مارس 2020 ” اليوم قررت أن أخبركم بكل ما يجري و إلى أين يتجه العالم في ضل كل التغيرات التي حصلت طيلة (400) عام , تذكرون سنة 1717 التي كانت تاريخ ولاة العالم الجديد و تذكرون أن أول دولار طبع كان سنة 1778 , ولكي يحكم الدولار كانت الثورة الفرنسية التي غيرت كل شيء و مع انتصارها انتهى العالم الذي كان محكوما طيلة 5000 سنة بالأديان و الميثولوجيا و بدأ عالم جديد يحكمه المال و الإعلام , عالم لا مكان فيه لله و لا للقيم الإنسانية ..”أنا لا يهمني أن يموت المصارع ما يهمني أن يكسب المصارع الذي راهنت عليه .”
سنتوقف هنا لطرح السؤال , ماهي العلاقة بين برامج “بيل غايتس” و كل المؤسسات و المخابر التي تعمل معه من جهة و البنك الفيدرالي ومؤسسة بلاك روك الأمريكية و فيروس السارس و الذي ينتمي إليه فيروس كورونا كتطور جيني ومواقف الدول الكبرى وأهما هنا، أمريكا ؟
النخب الفكرية وتحدي فهم اتجاه الأحداث
يرى “تشومسكي” أن لا خروج من هذه الأزمات إلا بالتخلص من طاعون النيولبيرالية و هذا غير ممكن من دون تحول المجتمع المدني إلي فاعل مؤثر ليضع حدا للديمقراطية النيولبيرالية التي يتحكم فيها قلة قليلة من الأشخاص و يرى “أنه يمكن العودة إلى خيار ‘الراديكالية’ (يقصد بالراديكالية الفكر القريب من الاشتراكية ) و إعادة إعمار المجتمع و الأفضل هو العودة لمصطلحات الإنسانية المعنية بالاحتياجات البشرية و عدم تغليب المنفعة النيولبيرالية “.
و هو يتصور أن يتصرف النظام النيولبيرالي بهمجية مفرطة عبر دول قوية عنيفة استبدادية في ردة فعل محتملة على هكذا توجه و يختم “تشومسكي” بالسؤال هل أن تقديم الفيروس كعدو هو فقط لإضفاء الشرعية على حالة الاستثناء الجديدة أم ثمة ما هو أعمق في هذا الخطاب ؟ و يرى أن مواجهة الواقع الجديد يمكن أن تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي.
و يتفق نعوم تشومسكي عدة وسائل إعلام و مفكرين لعل أهمهم “آلان توران” الفرنسي , “دايفيد ريكارد” الإنجليزي , “جاك آتالي” الفرنسي في السؤال “هل هناك أسباب خفية وراء ما يحصل ” حيث يقول تشومسكي “أنه على الرغم من توفر المعلومات منذ (ديسمبر) 2019 عن أعراض وباء فتاك قدمتها الصين لمنظمة الصحة العالمية و كذللك علم المخابرات الأمريكية والتي حاولت جاهدة إقناع البيت الأبيض بوجود وباء خطير بمدينة يوهان الصينية،غير أن تحرك ترامب و المسؤولين الأوروبيين كان بطيئا و غير مسؤول، لحسابات تجارية نيوليبيرالية خشية الخسائر التي سيتسبب فيها العزل الاجتماعي و إغلاق المؤسسات و بسبب اقتصاد السوق فضلت المخابر صناعة كريمات البشرة عوض إيجاد لقاحات للأوبئة المحتملة. هم كانوا يعلمون منذ تفشي الوباء”.
و في تأكيد لما ذهب إليه “تشومسكي” يقول “آلان نوران” عالم الاجتماع الفرنسي الشهير أنه “لم يسبق أن تولى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية شخص غريب الأطوار …إنه شخص خارج القواعد والمعايير … و هذا ليس صدفة برأيه بل تحصيل حاصل” ،إذ تخلت الولايات المتحدة عن لعب دور الزعامة الدولية و في أوروبا لو بحثت عن دولة قوية فلن تجد و في الأسفل لا وجود لحركات شعبية كل ما هناك هو انهيار ما كان في المجتمعات أما اليوم فليس هناك فاعلون اجتماعيون و لا سياسيون و وطنيون، كل ما لدينا هو أنه في جانب هناك آلة بيولوجية و في الجاني الآخر لدينا أشخاص و مجموعات ” في إشارة إلى غياب روح الانتماء و المشاريع الوطنية الجامعة التي تبرز عند الأزمات , و هو ما يشير إلى الفيلسوف الفرنسي “ميشال أونفري” , الذي يؤكد أن غياب المرجعيات الأخلاقية .
أما جاك آتالي فيخلص من خلال حديث مطول في برنامج تلفزي مع قناة L.C.P. بتاريخ 14 أفريل 2020 وكذلك في مقالة منشورة بموقعه الرسمي إلى القول بضرورة، أولا العودة لمفهوم الإقتصاد الوطني دون الانغلاق و ثانيا يؤكد ضرورة العودة إلى ما سماه “اقتصاد الحياة” و هو الاستثمار في الصحة و التعليم والفلاحة و الطاقة و البحث العلمي … و باختصار الاقتصاد , المنتج و الذي أن يوفى بحاجيات الاقتصاد الوطني .
وخلاصة القول،لقد تابعنا واستعرضنا العديد من آراء العلماء والساسة والمفكرين والمختصين العلميين لنستطلع من خلالهم ما يدور حولنا في هذه الفترة من تاريخنا،لنتوصل إلى جملة من الأسئلة من قبيل ما سـر اهتمام بيل غايتس بهذا الفيروس وبذله لجهود هائلة لإيجاد لقاح لوباء محتمل بينما تشكو البشرية من عديد الأمراض التي تؤدي يوميا بحياة آلاف الأشخاص وما علاقة هذا اللقاح بما يصرح به جاك آتالي وغيره من وجود توجه لدى البعض بالحد من التكاثر السكاني كعلاج لمشاكل التلوث وعدم قدرة الطبيعة على الاستجابة لحاجيات مليارات السكان من خلال لقاح يمكن العمل على ايجاده.
وما هو السر في لجوء الحكومة الأمريكية والبنك المركزي الفيدرالي بسرعة إلى تحويل بليونات الدولارات إلى مؤسسة بلاك روك الأمريكية والتي تعمل خارج الأطر القانونية الأمريكية والدولية ،وما علاقة ذلك بتصريح نعوم تشومسكي وغبره من المطلعين بأن هناك نية (دخلت مرحلة التنفيذ في شهر أفريل) للاستحواذ على ثلثي المؤسسات الكبرى العالمية ووضع السلطة الفعلية في يد بلد عملاق واحد ؟ ثم ألا يمكن اعتبار عمليات التسويف في أيجاد وسائل الحماية والعلاج من طرف قوى الغرب ،هي كذلك رغبة لخلق حالة رعب كونية لتمرير هذه الإجراءات ، وأخيرا ألا يعتبر الحديث عن زرع شريحة إلكترونية لكل فرد بدعوى تسهيل عمليات الرقابة لهذا الفيروس دليلا آخر على أننا نتجه نحو دولة كونية يتم التحكم فيها عن بعد؟
و هنا نتسائل حول ماهية البرامج الاقتصادية و الاجتماعية التي ستتغير عندنا بالضرورة , حيث أصبح يتحتم علينا أن نغير أولويتنا و بسرعة في ما يتعلق بالقطاعات الأساسية في تونس مثل الكف عن تهميش القطاع العام لفائدة القطاع الخاص و إعادة النظر في تركيبة و وظائف الوظيفة العمومية إضافة إلى ضرورة رقمنتها، وإعادة الاعتبار إلى القطاع الفلاحي بسن قوانين صارمة تضمن عملية تمويلية و رسم مسالك توزيع واضحة و البحث عن أسواق جديدة تضمن تصدير فائض الإنتاج . كما أنه من الضروري الانتباه إلى عملية التحول الهامة في سياسة الاتحاد الأوروبي , الذي قرر إعادة العديد من الصناعات الهامة ضمن مجاله الجغرافي , و حيث أن كلفة التحويل هذه تسكون مكلفة داخل الإتحاد الأوروبي فإن الاتجاه سيكون نحو شمال إفريقيا و الدول القريبة جغرافيا و الممكن التعويل عليها من ناحية الكلفة .
و حتى نتمكن من جعل بلادنا جهة جالبة لا بد الاستثمار بكثافة في المناطق الفقيرة التي يمكن أن تكون الوجهة المستقبلية للصناعات التحويلية و الطبيعية و كل “صناعات الحياة” كما بين “جاك آتالي” , مع ضرورة توسيع القاعدة الجبائية و وضع حد للاقتصاد الموازي لتوفير الإمكانيات المالية للازمة لتطوير البني التحتية و التجهيزات و الخدمات في هذه الجهات , لعلنا بذلك نقدم مزايا تفاضلية جالبة لرأس المال و تطوير سلسلة القيم المضافة و توفير فرصة العمل لمئات الآلاف من العاطلين عن العمل،في انتظار مراجعة منوال التنمية بشكل جدي .
………….. المراجع ……..
Pepe escobar « la chine déploie la route de soie »,Stratégic culture Fondation, /04/2020.
Pepe escobar « Tour de contrôle en confinement, ce n’est qu’un test », Stratégic culture Fondation,02/04/2020.
Bill Gates « pour une approche globale pour la lutte contre le covid-19 »,Le Monde diplomatique,12/04/2020.
F.william Engdahl,The independent,14/04/2020.
J.attali, « pas un coronabond maisle soveigh band » ;j@attali.com,02/04/2020.
J.attali,rencontre télivivisée sur la chaine française :L.C.P.LE 14/04/2020.
إدغار موران ” كورونا كشف أن العولمة ترابط فاقد للتضامن”،20/03/2020.
ميشال أونفراي “عدمية الحضارة الغربية والإسلام “،08/03/2020 .
نعوم تشومسكي، حوار، مجلة اللواء ،14/04/2020
نعوم تشومسكي،” نظرية الهدم والبناء” ،موقع LOGOS8 ،24/03/2020.