إن الحديث في تفعيل قانون الاقتصاد التضامني هو خطوة فعلية في تغيير منوال التنمية المعتمد لعدة عشريات و لنتفق على أن منوال التنمية هو نمط حياة لا يستثني أي عنصر من عناصر حياتنا المادية و الثقافية , وهو تصور للخيارات الاقتصادية الهيكلية و هو كذلك تصور للدور الذي تؤمنه الدولة بكل أجهزتها و لدور المواطن ضمن منظوريه متكاملة يختلط فيها الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و يحتوي برنامجا للاستثمار العمومي يكون متجانسا مع هذه الخيارات .
و قد تميز المنوال الاقتصادي في تونس بإقرار توفير جملة من الخدمات التي توفرها الدولة دون مقابل في مجال التعليم و الصحة و التغطية الاجتماعية و النقل و تحديد الأجر الأدنى الفلاحي و الصناعي و إنشاء صندوق الدعم و تغيير المواد الإستراتيجية مع الحفاظ على القطاع العام و الثروات الإستراتجية .
و في إطار التفاعل الإيجابي مع قانون الاقتصاد التضامني سنحاول فهمه و اختباره ضمن مجال يتميز بالحساسية لعدة أسباب سنتعرض إليها , و نقصد بهذا المجال القطاع الغابي و في الشمال الغربي تحديدا.
و لنا أن نتسائل كيف يمكن لقانون الاقتصاد التضامني الذي تمت المصادقة عليه أن يجد طريقا سالكة للتنفيذ ضمن منوال تنموي أصبح يشكو من عدة إختلالات هيكلية ؟
و هل يمكن أن نفترض أنه بالرغم من تردي الوضع الاقتصادي ووجود مجالات و مساحات تسمح بوضع تصورات لتجسيد هذه الفلسفة التضامنية ؟
نعتقد أنه في حال توفرت إرادة سياسية و جدية إدارية و مدنية , يمكن الإدعاء بأنه يمكن تطبيق هذه الرؤية بالمناطق الغابية وهي فضاء جغرافي و بشري يوفر شروط نجاح هده الرؤية . و نعتبر هذه الورقة تصورا و تمرينا عمليا لتنفيذ جملة من المشاريع و الاستثمارات المنتجة و ذات القدرة التشغيلية العالية التي تستهدف سكان الغابة من فتيات و شبان .
وقبل الخوض في التصور والتجربة الميدانية المقترحة ،نود طرح بعض الملاحظات حول القانون عدد 30 لسنة 2020 المؤرخ في 30 جوان 2020 والمتعلق بـ”بوضع الإطار المرجعي للاقتصاد التضامني كما يحدد مفهومه وأهدافه وسبل تنظيمه ..” في فصله الأول حيث يشير الفصل عدد 1 و3 إلى أن العمل التشاركي (شركات، تعاضديات ،جمعيات،مؤسسات) له طابع تطوعي كما أنه لا يهدف إلى تحقيق أهداف ربحية بقدر السعي إلى توفير مواطن شغل وتقديم إنتاج أو خدمات ذات بعد اجتماعي. ونحن نرى أنه لابد من إعطاء العمل المنجز بعده الربحي كما أنه لايمكن التعويل على العمل التطوعي لإنجاح مشاريع نعول على ديمومتها.كما يشير الفصل عدد 21 و22 إلى أنه يمكن للذوات المعنوية المنتصبة حاليا أن تنخرط في منظومة الاقتصاد الاجتماعي والتمتع بكل الامتيازات المالية والجبائية ونحن نرى أن هذا الخيار سيخلق منافسة حادة وربما قاتلة بالنسبة لفئة الشبان الباعثين للمشاريع نظرا إلى أن الشركات المنتصبة تمتلك كل الشروط للاستجابة السريعة لشروط الاقتصاد التضامني وبالتالي الفوز وبسرعة بأغلب التشجيعات المالية والجبائية على حساب الفيئاة الشابة والضعيفة،وحيث لا يتسع المجال لمزيد شرح المزيد من الملاحظات أحيلكم على مقالة نشرتها بجريدة الشعب سنة 2020.
ينبني هذا القانون إذا، على فلسفة التضامن المجتمعي التي تخلق الثروة ومواطن الشغل ضمن إطار إنساني يؤمن بالعدل والمساواة بين الأفراد ،وبالتالي نلاحظ منذ الفصل الأول رغبة حادة لدى المشرع في البحث عن إجابات قصوى للحالات والحاجات الاجتماعية الحادة والعاجلة في آن واحد.
هو إذا استجابة نسقية إيجابية لمجموع حاجات اقتصادية واجتماعية ،عجزت المنظومة الاقتصادية القائمة على الاستجابة لها وخاصة بعد تعطل وظائف مؤسسات الدولة التي لم تعد لها القدرة على تلبيتها في العشر سنوات الأخيرة خاصة، والمتمثلة في العجز على استيعاب مخرجات المنظومة التربوية التي لا تستجيب إلى حاجيات السوق التي تشهد تحولات سريعة وعميقة والتي يبدو أن الجامعة التونسية لم تدركها وتمسكت بأساليب قديمة تجاوزتها المعطيات الوطنية والدولية،إضافة إلى العجز على توفير باقي الخدمات المجتمعية من رعاية صحية واجتماعية والحفاظ على المقدرة الشرائية وخلق التوازن المطلوب بين الأفراد والفئات ،اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ،وسعيا منا لدفع هذا التوجه الفكري والمؤسساتي نحو آفاق رحبة وذات مردو دية نورد، بعض الملاحظات حول جملة من المعاني والأهداف التي نرى أنها تعوقه ثم سنقدم تصورا لمجالات وآليات تنفيذه واتخذنا جهة جندوبة مثالا له غير أنه (كما نرى) يمكن أن يكون استجابة علمية في كل الجهات مع الأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الجغرافية والمناخية والسوسيولوجية لكل جهة .
و يشترط هذا النموذج شراكة تامة بين مكونات المجتمع المدني و الإدارة الجهوية لإعداد تصور واقعي و علمي ينطلق من واقع سكان الغابات و يعتمد على الخبرات و المراكمات التي حصلت لدي عديد الفاعلين الجهويين و استعداد السوق الجهوية و الوطنية بل لقبول نوعية من الإنتاج الغابي الجديد و الذي يمكن أن يكون مصدرا لخلق عشرات آلاف مواطن الشغل، مع التنويه أن هذا التصور يضع العملية التشاركية كركيزة أساسية حقيقية تعتمد على التزام المنظمات الوطنية الكبرى و هياكل المتابعة الكبرى في عملية الاستثمار و جمعيات التنمية الجهوية و المحلية , كما ننوه إلى أن هذا التصور لا يلغي دور الدولة في كل ما يتعلق بمشاريع البنية التحتية الهيكلية مع الانفتاح تشريعيا على المبادرات التي يمكن أن يتقدم بها المجتمع المدني و المحلي .
وننوه أن ما سيتم تقديمه ضمن المشروع المقترح لا يتناقض في كل عناصره مع كل التشريعات الخاصة بالغابة و بعمليات التمويل العمومي و بصلاحيات الوالي التي لا تزال تخضع للقانون الأساسي عدد 11 لسنة 1989 كما أنها لا تتناقض مع مجلة الاستثمار والقانون الأساسي عدد 29 المنظم لعمل الجماعات العمومية المحلية.
مشروع لتنمية المناطق الغابية في إطار الاقتصاد التضامني ولاية جندوبة مثالا.
تقديم القطاع
تمثل مساحة المناطق الغابية ،الجبلية بولاية جندوبة ثلث مساحة الولاية (118 ألف هكتار من جملة 310 الف هك) كما يمثل سكانها نصف سكان الولاية التي يبلغ تعداد سكانها أكثر من 400 ألف ساكن.
وترتكز الأنشطة الضعيفة لمتساكني هذه المناطق على تربية الماشية وتعاطي الفلاحة الصغرى واستغلال بعض المنتجات الغابية مثل الفواكه والغلال.
و مقابل الوضع الاجتماعي المتردي ,يساهم قطاع الغابات في دعم الاقتصاد الوطني بما يوفره من منتجات نذكر منها : إنتاج الخفاف :70 ألف طن سنويا أي تسعين بالمائة من الإنتاج الوطني كما ينتج 79 الف متر مكعب سنويا من الخشب، إلى جانب إنتاج الأعلاف والنباتات الطبية والعطرية والفطر وتمثل موارد هذه المنتجات خمسون بالمائة من جملة موارد القطاع وطنيا (07 مليون دينار)،مع العلم أن هذه القيمة المالية ضعيفة جدا بسبب احتكار الغابة من قبل عدد محدد من الشركات في ظل صمت غريب من الإدارة.
وعلاوة على مساهمته المالية في الاقتصاد الوطني فإن القطاع الغابي يلعب دورا بيئيا هاما حيث يحمي السدود من الترسبات والحد من ظاهرة الانجراف ويلطف المناخ علاوة على ما يقدمه من فرص هامة في مجال السياحة الإيكولوجية والترفيهية مع ما يوفره من إمكانية بعث عدد من الحمامات الإستشفائية ونزل ذات مواصفات بيئية وعديد المشاريع الخاصة بالرياضة الجبلية.
اشكاليات القطاع
غير أن القطاع الغابي يعاني من إشكاليات عديدة ومتنوعة نذكر منها :أهمية الكثافة السكانية 137 ساكن / كلم ومحدودية موارد الرزق لمتساكني هذه المناطق مما جعل المنطقة أهم خزان بشري لعملة حظائر البناء والأشغال الثانوية في البلاد. إضافة إلى انعدام الاستثمار الخاص رغم وفرة الموارد بسبب ضعف البنية التحتية وغياب القوانين المشجعة على الاستثمار في هذا المجال ،بل إن المجلة الغابية أصبحت تمثل عائقا هاما أمام تطور القطاع الغابي. وأخيرا محدودية البحث العلمي والتكوين لمزيد تطوير المنتجات وتثمينها وحسن ترويجها. لذلك نرى على ضوء ما تقدم ضرورة تمكيـن متساكني الغابة من استغلال المنتج الغابي ضمن مساحات محددة سلفا من قبل مصالح وزارة الفلاحة والسلطة الجهوية لفائدة الجمعيات التنموية الغابية .
ولتحقيق هذا الهدف لا بد من إعادة النظر في الفصل 18 من مجلة الغابات الذي يضع سنويا مساحات للاستغلال بواسطة المناقصات العمومية مما يغلق باب المشاركة على الأشخاص و الجمعيات التنموية التي تفتقر إلى إمكانية المشاركة حيث يصل معلوم المشاركة في المناقصة عشرات آلاف ألدنانير علما وان هذا الفصل يتناقض مع الفصول 43 و68 و69 من مجلة الغابات التي تنص على دعم السكان والجمعيات التي تساهم في تنمية الثروات الغابية وحمايتها وتنمية الملك الغابي ومع الأمر 1656الذي يرخص بيع الملك الغابي لأسباب مبررة رسميا (أي انه ارجع عملية التصرف في الملك الغابي إلى السلطة التقديرية الجهوية والمركزية)، لابد من إعادة تفعيل القانون الأساسي النموذجي الخاص بالجمعيات الغابية بالأخص بمجالها الجغرافي دون عن غيرها من الجمعيات .
علما وانه وقع إيقاف العمل بهذا الأمر حيث وقع تنقيحه بمقتضى أمر 1819المؤرخ في 23اوت1999 والأمر 3006 المؤرخ في 31 ديسمبر2001 والأمر 97 المؤرخ في 24 مارس 2005 حيث تم إلغاء الفقرة الرابعة من الفصل 01 والفصلين 05 و06 من القانون الأساسي النموذجي للجمعيات الغابية ضمن الأمر عدد2373 بحيث تحول هذا القانون الأساسي يهم مجامع التنمية في الفلاحة والصيد البحري عموما وحرم المجامع الغابية من خصوصية التصرف.
إن عمليات التنقيح المشار إليها لا تنص صراحة على حل المجامع الغابية وإنما أغلقت ضمنيا الباب أمام تمكينها من التميز بالاختصاص المجالي الذي يعد كفيلا بان يوفر لها موارد مالية هامة ناتجة عن نشاطها الطبيعي في هذا المجال .
ونشير إلى أن تفعيل هذا القانون سيمكن من توفير مئات مواطن الشغل دون حاجة الى استثمار إضافي من الدولة إضافة إلى إعادة علاقة الانتماء بين المواطن والغابة مما سيسهل حمايتها وتنمية تراثها ،كما أنه يمكن من إعادة النظر في الموارد التي توفرها الغابة لتطوير البنية التحتية وحماية الغراسات المهددة بالاندثار (شجر الفلين) وتحويل جزء من هذه الموارد لفائدة الاستثمار وخاصة من طرف المجامع الغابية من أجل توفـير موارد رزق للمتساكنين وكذلك المساهمة في انجاز المشاريع الغابية وفق النصوص الواردة بمجلة الغابات ، وإعداد خطة لتطوير السياحة البيئية تتكامل مع نتائج الدراسة الخاصة بالمسلك السياحي البيئي الرابط بين طبرقة الفائجة (دراسة بصدد الانجاز) ،وضبط خطة خاصة بالبحث العلمي من خلال تطوير مشمولات المعهد العالي للغابات والمراعي بطبرقة ليهتم بالبحث المعمق والتكوين وإعداد مشروع شراكة مع الأقطاب التكنولوجية ذات العلاقة مع المستثمرين في القطاع .
ونعتقد أنه بموزات الإجراءات المذكورة يمكن ضبط تصور لبرنامج تنموي جهوي ومحلي يعتمد على موارد المجلس الجهوي ( البرنامج الجهوي للتنمية) والبنك التونسي للتظامن وجمعيات التمويل الصغرى،وهو ما يخلصنا من نسق الإنجاز المركزي البطيء أو الغير موجود ،ويستهدف هذا البرنامج المناطق الغابية ويعتمد منهجية متدرجة (تصورا وإنجازا ) ولا تحتمل القفز على المراحل لضمان مردودية العناصر المنجزة ،ويمكن تنفيذ هذا البرنامج على مراحل كبرى على النحو الذي سنعرضه:
أولا
تتولى منظمات المجتمع المدني بالاشتراك مع المجلس الجهوي و المصالح الفنية مناقشة هذا التصور المقترح في هذه الورقة قصد تطويره ثم تقوم بالخطوة الأولى المتمثلة في طلب تنقيح بعض فصول مجلة الغابات (التي تمثل عائقا موضوعيا أمام تنمية المناطق الغابية ) بالاعتماد على أعضاء مجلس نواب الشعب .
ويتم إبرام اتفاقية بين المجلس الجهوي و منظمات المجتمع المدني لبعث مجموعة من المشاريع الصغرى بالمناطق الغابية في مجال تربية النحل- الماعز- الأغنام- والحلزون والخضر والغلال و في مرحلة تالية في مجال تربية الفطريات-تقطير النباتات الطبية و تدعيم الصناعة التقليدية في مجال الخشب و الطين ، و يتولى المجلس الجهوي تكليف كل من المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية و ديوان تربية الماشية و ديوان تنمية المراعي و الغابات بالشمال الغربي بإعداد الدراسات الفنية لهذه المشاريع و بالمتابعة الفنية لعمليات الإنجاز (وهي إجراءات بديهية ولكن الإدارة تخلت عنها).
كما يتولى المجلس الجهوي تخصيص اعتماد ضمن البرنامج الجهوي ( توفير التمويل الذاتي و المال التداول ) ويتولى كذلك إبرام اتفاقيات مع البنك التونسي و جمعيات التمويل الصغرى لتمويل هذه المشاريع باعتبار توفر التمويل الذاتي والمال المتداول الذي سيتعهد به المجلس الجهوي وهو إجراء مشروع بحكم قانونه الأساسي،وفي ذات الوقت يتولى المجلس الجهوي و مراكز التكوين المهني و الدواوين المذكورة أعلاه لإعداد برامج تكوين في المجالات المذكورة .
ثانيا
هذا البناء الهيكلي يفتح الطريق جهويا أمام عمليات التمويل للمشاريع الصغرى في مستوى 300 مشروع سنويا وهو عدد قابل للإنجاز ماليا، بناءا على ما يتوفر سنويا للمجلس الجهوي من موارد في شكل منحة من الدولة لفائدة المجالس الجهوية و لها حرية التقدير والتصرف فيها، حيث يمكن توفير التمويل الذاتي لعدد المشاريع المقترحة كما يمكن توفير المال المتداول ،بناء على عقود إقراض دون فوائض مع السماح بسنة إمهال وهو ما يفتح الباب أمام البنك التونسي للتضامن لتوفير التمويلات المطلوبة لفائدة هذه المشاريع ولضمان عدم التفريط في عناصر المشاريع بسبب الذائقة المالية التي تعاني منها الفئة المستهدفة، يجب تخصيص حدّ أدنى من حصص أيام العمل ضمن برنامج الحظائر الجهوي الذي تحال اعتماداته سنويا للمجلس الجهوي وكذلك بالاعتماد على برامج إدارة الغابات وديوان تنمية المراعي والغابات للعناية بالغابة، لهذه الفئة لتمكينها من توفير مورد مالي إضافي و الحفاظ على مشاريعها مع الحرص على مساعدة هذه الفئة على ممارسة جملة من الأنشطة الفلاحية الصغرى المكملة ،ويتم تمويل قسط ثان في السنة الموالية في مستوى 300 مشروع صغير بنفس المنهجية والأهداف، وتتكرر العملية بشكل سنوي في حدود طاقة استيعاب الغابة ودون انتظار أية مساعدة من المركز، مع العمل على الدفع (من قبل المنظمات الجهوية و الغرف التجارية …) لربط المنتج الغابي بالسوق الوطنية من خلال بعث مؤسسات تجارية صغرى مهيأة لتولي عملية الربط بين المنتج المحلي و السوق الوطنية، وننوه أخيرا أن الاعتمادات المطلوبة تتوفر سنويا منذ سنة 1970 ويتم التصرف فيها بشكل غير عقلاني، ويمكن في ما نراه، تحقيق نتائج جدّ هامة تساهم في تنمية الثروة الوطنية إلى جانب زرع ثقافة جديدة تتميز بحب العمل والتعويل على الذات .
ولأن هذا الجهد يتطلب مرافقة الدولة في مجال العناية بالبنية التحتية الضرورية لفك عزلة المناطق المستهدفة وتوفير خدمات الصحة والتعليم والبريد ،لذلك نرى أنه يتوجب على المجلس الجهوي إدراج المشاريع المذكورة ضمن مخططاته التنموية.
ثالثا
وفي مرحلة لاحقة و مع مواصلة عمليات التكوين الميداني في مجالي الإنتاج والتسويق يتوجب الشروع في إحداث مسالك صحية و رياضية و فضاءات ترفيهية متطورة مع الدفع لإيجاد شراكات بين المجلس الجهوية و القطاع الخاص ليستثمر في الفضاءات الترفيهية والمنتزهات والمتاحف وغيرها من المشاريع الخدمية و العمل مع المجلس الجهوية و منظمات الأعراف و الغرفة التجارية للتسويق لإنجاز وحدات صحية استشفائية باستغلال العيون الطبيعية المتوفرة بهذه و يفترض (في هذه المرحلة) أن تكون القوانين المعطلة لعملية الإنتاج الغابي قد تم تجاوزها، ما سيمكن أبناء هذه المناطق من استغلال جزءا من هذه الأراضي الغابية بشكل منظم و مربح كما سيمكنهم من المشاركة في المناقصات السنوية لاقتطاع الحطب و جمع الأعشاب الطبية و القدرة على تقطيرها بشكل متطور و بيعها في مسالك منظمة (و ستلعب المنظمات و قوى الضغط الجهوية دورا هاما في حماية هذه المشاريع ضد شركات الاحتكار).
إن هذا البرنامج هو عملية بناء ضرورية نحو آفاق أوسع في الجهة تتعلق بالتفكير في البحث عن تركيز صناعات تحويلية و سياحية بيئية متطورة و في آليات تسويق فعالة لجلب مستثمرين مهتمين بإقامة وحدات فندقية صغيرة تتماشى مع الطبيعة الغابية للمنطقة و تعتمد على المسالك السياحية و المواقع الأثرية و الحمامات الطبيعية و التراث الشعبي المحلي مع التنويه أخيرا إلى أن هذا البرنامج لا يعفي الدولة من الالتزام بالاستثمار عبر برامجها القطاعية من مواصلة العمل على تمويل المشاريع العمومية الخاصة بهذه المناطق .