مقدمة:
قد نتسائل حول الغاية من إجراء دراسة سوسيولوجية للبحث في الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية بينما كان يمكن الاعتماد على النتائج التي ستتوصل الدراسات التقنية حول حجم المشروع ومدى تأثيره على المحيط المادي المباشر وحتى البعيد ومن ثمة تقدير هذه الانعكاسات المادية في ما يتعلق بالجانب البيئي والاقتصادي والاجتماعي وتقدير التعويضات المحتملة وتحديد طبيعتها،بمعنى هل ستكون مالية وينتهي الأمر أم أن الشركة مطالبة في إطار التعويض بمتابعة المحيط المباشر البشري والجغرافي والبيئي على امتداد مدة عمل المشروع.
وإن الإجابة على هذا السؤال تظهر التقدم الحاصل لدى الإدارة في تناول موضوع علاقة السكان بالمشاريع الصناعية وغيرها من المشاريع العمرانية وتلك التي تتعلق بالبنية التحتية والتجهيزات،ذلك أن ثقافة المجموعات ومستوى وعيهم بما يطرح عليهم من أفكار مشاريع يُعد محددا في نجاح المشاريع المبرمجة من حيث توفر المناخ الاجتماعي السليم الذي يحتاجه المستثمر ،كما أن تحديد الخسائر المادية المحتملة بسبب المشروع والاستجابة لها لا يعد حلا نهائيا لمشاكل المستثمر مع السكان المجاورين،حيث أن هذه المقاربة لا تسمح بكشف التخوفات والتمثلات السلبية للمشروع والتي يمكن أن تكون عائقا منذ بداية الأشغال،بينما يسعى المستثمر كما الإدارة إلى خلق حاضنة مناسبة لضمان استقرار المشروع على المدى المتوسط والبعيد.وحتى نتمكن من كشف المسكوت عنه وتشريح تمثلات السكان للمشروع وللمستثمرين،كان لزاما علينا إنجاز دراسة سوسيولوجية تأخذ بعين الاعتبار البعد الاقتصادي كما الاجتماعي والنفسي من خلال دراسة ميدانية بين المنهجية الكمية والكيفية،حتى نقدم قراءة علمية لمجمل الزوايا المطلوب دراستها والخروج باستنتاجات ونصائح يدعى المستثمر كما الإدارة لأخذها بعين الإعتبار حتي نتقدم.
الاقتصادي الوطني والرهانات المستقبلية.
تميزت العشرية 2011-2021 بجملة من التحولات السياسية و الاجتماعية والاقتصادية العنيفة وبردة فعل ثأرية شعبية ضد المنظومة الاقتصادية والسياسية التي هيمنت على اقتصاده البلاد ومسار الأحداث فيه وهو ما أنتج إضرابات ووقفات احتجاج تكاد لا تنتهي إلى غاية 2021.
وقد أدت حالة الفوضى والاضطرابات الاجتماعية و السياسية و الأمنية إلى اهتزاز الوضع الاقتصادي و الاجتماعي وتفكك النسيج الصناعي و الفلاحي و السياحي وتراجع الاستثمار الاقتصادي الخاص الوطني و الأجنبي، وتحول كل المؤشرات الاقتصادية الوطنية إلى مؤشرات مفزعة عمقت حالة التفاوت الجهوي ونسب البطالة وبروز الاقتصاد الموازي و الاحتكار.
وقد تراجعت نسب النمو وعرف الاقتصادي انكماشا هاما سنة 2020 بلغ 8.8% كما سجل عجز الميزانية نسب غير مسبوقة في بلادنا إذا تم تسجيل نسبة عجز جملية قدرها 41,8% كما تم تسجيل تراجع مقلق في الميزان التجاري حيث بلغ 1439,5- م,د و نسبة تضخم قدرت ب 6,3% سنة 2021 ونسبة نمو قدرها البنك الدولي ب 3,2% وهي نسبة ضعيفة جدا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار نسبة الانكماش الاقتصادي وهي كلها مؤشرات تدل على التعثر الاقتصادي الناتج عن تراجع الإنتاج في القطاع الخاص وكذلك بسبب توقف الإنتاج تماما في قطاع النفط و الغاز و الفسفاط, كما سببت الاضطربات المتواصلة في القطاع العام و الوظيفة العمومية إلى تعميق الأزمة الاقتصادية و الاجتماعية وهو ما أدى بالمحصلة إلى تضرر هيكلي للمنظومة الاقتصادية. وقد فاقمت الوضعية الوبائية للسنتين 2020/2021 تأزم الوضع الاقتصادي حيث تعطل القطاع السياحي بشكل شبه تام , أدى إلى تدهور الوضع المهني و الاقتصادي لحوالي 1,5 مليون عامل بصفة مباشرة أو غير مباشرة في قطاع السياحة .
وقد أنتج تأزم الاقتصاد في عمومه إلى ارتفاع نسبة البطالة إلى 17,9% وتراجع القدرة الشرائية للتونسيين عموما .
وأمام ما أصبح عليه الوضع الاقتصادي للبلاد صار لزاما على الدولة إعادة التفكير في جملة من الخيارات الاقتصادية و المالية و الاجتماعية للرفع من نسق الإنتاج و التخفيض من نسبة البطالة و تحسين وتنويع مصادر الإنتاج و خلق الثروة و هو ما سيمكن من الترفيع في نسبة الناتج الوطني الخام و التخفيض من نسبة الدين العمومي و استرجاع ثقة المستثمرين و الصناديق الممولة.
و من أهم الإجراءات الواجب اتخاذها هو العمل على استقرار الوضع السياسي لما له من تأثير مباشر على المناخ الاجتماعي و الحد من حالات الانفلات الاجتماعي في قطاعات الإنتاج وفي الوظيفة العمومية، في إطار هدنة اجتماعية تقطع مع الإضرابات العشوائية و عمليات الاعتداء المتكررة على مؤسسات الإنتاج و المصالح الخدمية و الدفع في اتجاه استعادة قيمة العمل ثم العمل، وفي المدى المتوسط العمل على إصلاح الإدارة من خلال إنفاذ القانون أولا، وكذلك السعي إلى تبسيط الإجراءات الإدارية وتسريع نسق الخدمات في إطار لامركزية عقلانية تسمح للإدارة الجهوية باتخاذ القرارات في علاقة بالجانب الاقتصادي والاجتماعي و بالاستثمار الخاص على ضوء ملفات تستجيب للمعايير الفنية و القانونية التي تقطع مع الإجراءات العشوائية .
وفي سبيل تشجيع الاستثمار الخاص، الوطني و الأجنبي لا بدّ من العمل على تطوير المؤسسة القضائية و ضمان كل شروط القضاء الناجز و هو ما يمثل ضمانة هامة بالنسبة للمستثمرين الذين يبحثون على ضمان حقوقهم و استمرارية عمل مؤسساتهم في ظروف عادية.
كما أنه أصبح لزاما على الدولة الدفع نحو تطوير وتحسين الخدمات البنكية و تشجيعها على أن تنخرط بشكل أكثر وضوحا في عمليات الاستثمار الاقتصادية وتسريع عمليات المعالجة للملفات و العمليات البنكية و التخلص من رداء التجارة و البيروقراطية القاتلة و القبول بمبدأ المخاطرة من أجل دفع الاستثمار الخاص .
و يتوجب في المدى المتوسط و البعيد التفكير في الترفيع من جاذبية الجهات وخاصة الفقيرة منها،علما و أن هذه الجهات تمتلك قدرة تنافسية عالية و لكنها مُعطلة بسبب تخلي الدولة عن الاستثمار في البنى التحتية و التشجيع الفعلي على الوجه نحو هذه المناطق .
وحيث أن جل الدراسات الاقتصادية في العالم تـتـفق حول شروط الترفيع في جاذبية البلدان من أجل جذب الاستثمار الصناعي و الفلاحي و السياحي و الخدماتي و المتمثلة أساسا في توفر نظام مالي متطور ونظام قضائي جازم و إدارة سريعة ومناخ اجتماعي و سياسي إيجابي و بنية تحتية متطورة ويد عاملة مؤهلة ووضع أمني مطمئن.
فإن هذا الخيار يعد حتمية اقتصادية و اجتماعية لا مفـر منها بالنسبة لبلادنا. خاصة و أن المستثمرين في تونس يشتكون من البطء الإداري بنسبة 75% ومن غياب الخدمات الرقمية بنسبة 55% وغياب اليد العاملة المؤهلة بنسبة 54% والتنسيق بين الإدارات بنسبة 96% كما أن المناخ السياسي و الاجتماعي و الوضع الأمني بالنسبة للمستثمرين مؤشرات سلبية وهو ما يؤكد على ضرورة الإسراع بالتصدي لهذه المعوقات من أجل جلب الاستثمار الذي يعد الإجابة العلمية و العملية الأهم للحد من ظاهرة البطالة أولا، وتقليص التفاوت الجهوي الذي كان سبابا مباشرا في انتفاضة سنة 2011. وإن المتأمل في نسب مساهمة الأقاليم في الإنتاج الوطني في أغلب القطاعات المنتجة و في الناتج الوطني الخام في العشرية الأخيرة يؤكد ضرورة عـقلنة التوجهات الاقتصادية الوطنية من أجل خلق اقتصاد متنوع الركائز قوي في تنوعه منسجم من حيث انتشاره الجغرافي انسجاما مع ما تزخر به البلاد من ثروات معدنية و غابية و فلاحية و بحرية متنوعة ومتكاملة ولنا في إقليم الشمال الغربي مثالا.
إقليم الشمال الغربي :الواقع والرهانات.
لقد حان الوقت إذا، للتفكير بجدية في القطع مع الخيارات التنموية الحالية التي ما فتئت تعمق الفوارق الجهوية وتقف عائقا أمام الاستثمار الخاص الذي أصبح يعاني من حالة التكدس الصناعية الحاصلة بالعاصمة و الساحل الشرقي بينما يحرم هذا الاستثمار مما يتوفر من طاقات وثروات طبيعية كبيرة و متنوعة الجهات الفقيرة.
ولعل استعراض بعض الأرقام و النسب الخاصة بمساهمة الأقاليم في عمليات الإنتاج وفي الناتج الوطني الخام تؤكد هذا التوجه المطلوب إذ تشير أرقام المعهد الوطني للإحصاء و التي نشرت سنة 2021 إلى النتائج التالية :
مساهمة إقليم تونس الكبرى و إقليمي الشمال الشرقي والغربي الناتج الوطني لخام
الأقاليم | % الناتج الوطني الخام 2013 | %الناتج الوطني الخام 2016 |
إقليم تونس الكبرى | 34,3% | 38.% |
إقليم الشمال الشرقي | 26,1 % | 29,8% |
إقليم الشمال الغربي | 6.6% | 7,3% |
وإن المتأمل في الجدول يلاحظ ضعف نسبة مساهمة إقليم الشمال الغربي في الناتج الوطني الخام
رغم الإقرار من قبل كل الاقتصاد يبين بأن هذا الإقليم هو إقليم غني جدا من حيث توفر الثروات الطبيعية و تنوعها إذ ما عدى القطاع الفلاحي الذي يوفـر نسبة 19,5% من النتاج الوطني الفلاحي فإن باقي القطاعات المنتجة تكاد تكون غائبة كما يبينه الجدول التالي:
الفلاحة و الصيد البحري | صناعات معملية | صناعات تحويلية | نسيج | مواد استخراجية | مناجم | |
أقاليم الشمال الغربي | 19,5% | 3,5% | 4,3% | 1,4% | 1,9% | 3,3% |
أقاليم تونس الكبرى | 5,6% | 40,6% | 35% | 25,8% | 54,1% | 10% |
وتبين الأرقام بالجدول التناقضات الكبرى في خيارات الدولة الاقتصادية إذا بينما يساهم إقليم الشمال الغربي بحوالي 19.5% من النتاج الفلاحي فإن الصناعات التحولية للمواد الفلاحية تتركز في تونس الكبرى بنسبة 35% وليس في الشمال الغربي بما يعنيه ذلك من ضياع للوقت و الطاقة و تأثير سلبي على تنافسية منتجاتنا الفلاحية المصنعة كما تثبت دراسات الديوان الوطن للمناجم مدى ثراء إقليم الشمال الغربي من حيث توفر المواد الاستخراجية الجيدة في جانب هام منها بينما نلاحظ أن الصناعات الاستخراجية لا تتجاوز 1,9% من الإنتاج الوطني بينما تتجاوز هذه النسبة 54% في إقليم تونس الكبرى كما يمكن سحب هذه الملاحظة على قطاع المناجم و الصناعات المرتبطة به حيث لا تتجاوز نسبة مساهمة إقليم الشمال الغربي في هذا القطاع بنسبة 3,3% بينما تصل إلى 10% في تونس الكبرى كما يساهم إقليم تونس ب 40,6% في قطاع الصناعات المعملية و 25,8% في قطاع النسيج بينما لا تبلغ نسبة مساهمة الشمال الغربي 3,5% في قطاع الصناعات المعملية و 1,4% في قطاع النسيج.
هذه الإختلالات الاقتصادية الراهنة تدفعنا إلى إعادة النظر في خياراتنا الإستراتيجية في المجالات الاقتصادية و ضرورة التوجه نحو بناء فكري جديد و البحث عن المردودية المطلوبة بإعادة النظر في مجمل الخيارات الاقتصادية و القانونية و الإجرائية والتزام الدولة بمخططات ترابية و عمرانية تكفل تحول المدن (وخاصة الفقيرة) إلى مناطق جاذبة للاستثمار الوطني و الأجنبي مع العمل على ضمان شفافية المعلومة و قضاء ناجز وخدمات بنكية وإدارية متطورة .
ويتنزل موضوع هذه الدراسة ضمن هذا الإطار العام الاقتصادي و الاجتماعي حيث تقدم المستثمر بالدراسات الأولية لمكونات مشروعة المندمج إلى الإدارات المركزية و الجهوية المعنية, ورغم الصعوبات المذكورة آنفا فهو متمسك بإنجاز مشروع مندمج و ذو مردودية عالية ويوفر قيمة مضافة تكنولوجية ومالية و مواطـن شغل هامة من حيث عددها.
الإطار الجغرافي والاقتصادي والاجتماعي للمشروع : ولاية باجة و اقليم الشمل الغربي.
ولاية باجة تنتمي لإقليم الشمال الغربي التونسي (جندوبة – سليانة – الكاف – باجة ) الذي يمسح 16.565 كم ويبلغ عدد سكانه مليون و 227 ألف ساكن وهو يتميز بسهوله المعروفة بسهول مجردة ومساحة غابية هامة قدرها483،175 هك منها 200 ألف هك. تحتوي نباتات طبية وعطرية وساحل بحري طوله 51 كم ،ويعد الشمال الغربي منطقة فلاحية بامتياز ( معدل التشغيل بالقطاع الفلاحي بالإقليم يعادل 39 % ) وهو منطقة تتوفر على مخزون مائي هام بالنسبة للبلاد التونسية،كما يتميز بطابع سياحي (لا يزال بدائيا) بفضل توفر وتنوع الكساء الغابي و شساعته وتوفر العديد من المناطق الأثرية الهامة مثل بلاريجيا وشمتو ودقة إلى جانب ميئاة المواقع الأثرية بولاية الكاف وسليانة .
وتتوفر بالشمال الغربي مساحات صالحة للزراعة تقدر بـ :1.093 مليون هك.تستغل لزراعة الحبوب كنشاط أساسي إلى جانب والغراسات وزراعة الخضروات التي تساوي 50%من الإنتاج الوطني إلى جانب الزراعات العلفية،بينما لا يتم استغلال الثروات السمكية البحرية سوى بنسبة 10% .
ويحتوي هذا الإقليم كذلك على العديد من الثروات الباطنية مثل : الحجارة الكلسية والحجارة الطينية والحجارة الرملية والحجارة الجبسية إضافة إلى الرخام والمياه الجوفية الساخنة والمياه المعدنية.
ورغم موقعه (قريب نسبيا من العاصمة ومن القطر الجزائري) وتوفر العديد من الثروات الطبيعية فإن فائض القيمة من المنتج الإقليمي لم يحصل بسبب غياب الصناعات التحويلية الضامنة لحصول هذا الفائض ،إضافة إلى غياب الصناعات المعملية والنسيجية وهو ما أنتج تأخرا كبيرا عن العاصمة والساحل الشرقي ،حيث بقيت البنية التحتية كذلك متردية أو غائبة إلى جانب غياب الخدمات الصحية والتعليمية والخدمية الأخرى وهو ما جعل من هذا الإقليم منطقة منفرة ولها حاصل هجرة سلبي في العشرية الخيرة ( -34.8 ألف ساكن ).
معطيات عامة حول إقليم الشمال الغربي.
المســـاحة | عدد السكان | عدد المعتمديات | البلديات | % نسبة الفقر | % البطالة | % الريف | % الحظر | % نسبة النمو السكاني |
16.565 كم2 / 10.2 % | 1226.7 | 42 | 53 | 28% | 30% | 62,9% | 37.1% | -0,1% |
المعهد الوطني للإحصاء 2015
كما أن الفضاء الحضري لم يتوسع (37.7% ) وحافظ على تشتته،مع غياب نواتات حضرية كبرى ومتطورة توفر الخدمات الفندقية والتعليمية والصحية علاوة على الفضاءات الترفيهية والمقاهي والمطاعم المتطورة والقادرة على تقديم خدمات ذات جودة لزائريها،علاوة على ضعف الخدمات البنكية والبريدية وباقي الخدمات الإدارية الضرورية لجلب المستثمرين وخلق مناخ ملائم لبروز استثمارات وطنية وأجنبية تساهم في تنويع القاعدة الاقتصادية وثرائها وتنهي مرحلة الاقتصادي ألآحادي.
ولاية باجة :خصوصيات النشاط الاقتصادي
وتعدُ ولاية باجة التي أسست سنة 1956 من أقرب ولايات الإقليم إلى تونس العاصمة بمسافة 100 كم ويرتبط بالعاصمة عبر الطريق السيارة والسكك الحديدية والطريق الوطنية رقم 5 كما يرتبط بمدينة بنزرت (منفذ بحري) عبر السكك الحديدية والطريق الوطنية رقم 11على مسافة تقدر بــ100 كم .
وتبلغ مساحة ولاية باجة 3.740 كم2 ، بينما يبلغ عدد سكانها 303.032 ساكن بنسبة نمو ايجابية تقدر ب: 0.05 و 108.228 سكان نشطين يشتغلون وهي ولاية ممطرة في جزئها الشمالي والشمالي الغربي إذ يبلغ متوسط نزول الأمطار من 350 إلى 1000 مم كما أن مناخها يُعد مناخا متوسطيا إذ يبلغ متوسط درجات الحرارة 18 درجة
تبلغ المساحات الصالحة للزراعة 341 ألف هك. وتعد نوعية التربية بهذه الجهة من أغنى أنواع التربة بالبلاد وتسمح بإنتاج أغلب أنواع الزراعات والغراسات بمردودية عالية مقارنة بباقي جهات البلاد.
جدول للحبوب والخضروات والبقول بباجة.
كامل الولاية | حبوب | خظروات | بقول | أعلاف | زياتين | أ.مثمرة | زراعات أخرى |
الكميات | 2591850 | 217368 | 153260 | 437772 | 27500 | 56000 | 266900 |
المعهد الوطني للإحصاء 2015
ويعتبر قطاع الفلاحة أكبر القطاعات تشغيلية بالولاية بنسبة تقدر 38% من مجمل اليد العاملة الناشطة ويمكن استغلال هذا القطاع من خلال تطوبر أساليب الإنتاج والبحث العلمي وبعث مشاريع صناعية تحويلية يمكن لهذا القطاع أن يصبح ذو مردودية عالية ويوفر قيم مضافة مالية وعلمية هامة جدا بالنسبة للجهة والإقليم.
ونشير كذلك إلى توفر ثروة حيوانية هامة بفضل طبيعة المناخ والنباتات العلفية الطبيعية بكميات كبيرة ويمكن لقطاع الإنتاج الحيواني أن يتحول إلى قطاع يوفر عديد المواد الإنتاجية في مجال اللحوم والألبان وبنوعية متطورة وذات قدرة تنافسية عالية وهو ما سيسمح باندماج الجهة في الاقتصاد الوطني والعالمي.
جدول إجمالي للقطيع الحيواني بباجة.
كامل الولاية | أبقار مؤصل | أبقار محلي | أغنام | ماعز | دواب | أجباح نحل تقليدية | أجباح نحل عصرية |
المجموع | 23800 | 39700 | 267000 | 21600 | 8500 | 400 | 9600 |
المعهد الوطني للإحصاء 2015
كما توجد بولاية باجة منطقة غابية هامة تبلغ مساحتها 80.6 هك. تتوفر على عديد الثروات الغابية مثل النباتات العطرية والصيدلانية ،كما تنتج بشكل طبيعي عديد الفواكه والثمار وتسمح بزراعة العديد من الخضروات والغلال وتعد الغابة بهذه الولاية فضاء غير مستغل بشكل مُجد حيث نسجل غياب تام للأنشطة الاقتصادية الفلاحية والصناعية بشكل تام ما عدى بعض اللزمات الخاصة باستغلال الفرنان والحطب ونباتات الريحان وبشكل تقليدي لا يوفر أية قيمة مضافة للمنطقة .
و يوجد بولاية شريط ساحلي بطول 26 كم ويوفر ثروات سمكية هامة غير مستغلة إلى حد اليوم (سوى بعض القوارب التقليدية والتي يستغلها بعض السكان المحليين )، وإضافة إلى تلك الثروات تتوفر بولاية باجة كميات هامة من المواد الاستخراجية مثل الحجارة الكلسية و الطينية و الرملية الجبسية إضافة إلى الرخام وقد أجرى الديوان الوطني للمناجم دراسة حديثة تحدد مواقع هذه الثروات ومدى أهميتها بالنسبة للصناعة التونسية.
وقد شهدت ولاية باجة خاصة في بداية السنوات الألفين وبفضل وجود الطريق السيارة إقبال عدد هام من المستثمرين الذين انتصبوا بكل من معتمدية قبلاط ومجاز الباب ومعتدية باجة الشمالية وواد الزرقاء وبلدية المعقولة ،حيث بلغ عدد المؤسسات الصناعية المصدرة كليا 42 مؤسسة و 102 مؤسسة غير مصدرة كليا الجملي ،بطاقة تشغيلية جملية بلغت 13.557 ألف موطن شغل حسب إحصائيات 2015 .
توزيع المؤسسات الصناعية المشغلة لأكثر من 10 عمال
كامل الولاية | مصدرة كليا | غير مصدرة كليا | المجموع | |
مواطن الشغل | العدد | مواطن الشغل | العدد | مواطن الشغل | العدد | المعتمدية | |
7225 | 44 | 1602 | 27 | 5623 | 17 | باجة الشمالية | |
180 | 9 | 124 | 7 | 56 | 2 | باجة الجنوبية | |
4367 | 30 | 2318 | 19 | 2049 | 11 | مجاز الباب | |
746 | 21 | 445 | 16 | 301 | 05 | قبلاط | |
721 | 24 | 339 | 17 | 382 | 07 | تستور | |
225 | 09 | 225 | 09 | تبرسق | |||
36 | 03 | 36 | 03 | عمدون | |||
13557 | 144 | 5146 | 102 | 8411 | 42 | المجموع | |
وتوفر ولاية باجة عديد الامتيازات الجبائية والمالية نظرا لتصنيفها كولاية تنمية جهوية حسب مجلة الاستثمار الصادرة سنة 1993،كما أنها توفر امتيازا هاما بالنسبة للمستثمرين والإطارات التقنية والإدارية التي تشتغل بهذه المؤسسات ،ألا وهو قربها من العاصمة ،إذ بإمكان كل هؤلاء الاستقرار بتونس العاصمة ( نظرا لعدم وجود جملة من الشروط تخص البنية التحتية والخدمات )
وتكفي ساعة من الزمن للتنقل بين باجة وتونس العاصمة
معطيات ديموغرافية واجتماعية لولاية باجة.
تعدُ باجة 303.03 ألف ساكن معظمهم سكان ريفيون بينما تبلغ نسبة السكان الحضر وتبلغ الفئة العمرية 0-15 سنة 22.2% بينما تبلغ نسبة السكان من فئة السكان النشطين من 15- 59 سنة 62.4% مع نسبة نمو سلبية تقدر بـ – 0.05 % مع حاصل هجرة سلبي يقدر بـ -8100،ويتوزع سكان الجهة إلى 44.3% حضريون و 55.7% ريفيون ويمثل مجمل سكان ولاية باجة 25.9% من سكان إقليم الشمال الغربي وحيث أن الاقتصاد بالجهة يُعد اقتصادا أحاديا فإن نسبة البطالة تُعد مرتفعة لدى كل الفئاة ،إذ نسجل نسبة %13.5 لدى الذكور و %29.3 لدى الإناث كما نسجل نسبة بطالة تقدر بـ 18.3 في الوسط الحضري و %17.3 في الوسط الحضري مع نسبة بطالة عامة تقدر بــ %17.8
معطيات ديموغرافية لولاية باجة
عدد السكان | ذكور | إناث | ريف% | حضر% | حاصل الهجرة% |
الولاية | 151.3 | 151.6 | 55.7 | 44.3 | -8100 |
المعهد الوطني للإحصاء 2015
و رغم عراقة هذه ولاية باجة تاريخا وقربها من العاصمة إذ هناك من يعتبرها ضاحية من ضواحي العاصمة ،إلا أن الفضاء الحضري بها لازال يفتقر إلى تصور عقلاني يأخذ بعين الاعتبار التزايد السكاني الذي تسبب في تكدس عمراني غير منظم ويطرح مشكلة مالية ولوجستية صعبة من أجل تقديم الخدمات الأولية مثل الطرقات والأرصفة وشبكة تصريف المياه الصحية والتنوير العمومي ،إضافة إلى غياب المناطق الخضراء والخدمات البريدية والصحية والتعليمية …مع العلم أن جل الأراضي المحيطة بالمدن بباجة وخاصة عاصمة الولاية هي أراضي خاصة وهو ما يمنع وضع استراتيجيات عمرانية مستقبلية تستجيب لمعايير المدن الجديدة التي توفر شروط الحياة المريحة بما يجعل من مدنها مدن منفرة،ورغم التأثير الإيجابي للطريق السيارة التي كانت سببا مباشرا لانتصاب عدد هام من المؤسسات الصناعية بكل من مجاز الباب وقبلاط وباجة الشمالية خاصة،فإن الاقتصاد الجهوي لازالت تغلب عليه الصبغة الفلاحية ويحتاج إلى التحول نحو جملة من الخيارات الاقتصادية التي على الصناعات التحويلية خاصة ولكن كذلك العمل على استجلاب الاستثمار في قطاع الصناعات المعملية والإستخراجية والتكنولوجية لخلق ثروة جهوية تساعد على بناء اقتصاد متوازن ومتنوع ويحول الجهة إلى قاطرة تنمية.
تقديم المشروع المندمج
تبعا للفصل عدد 10 من القانون عدد 23 /2008 المؤرخ في 01 أفريل 2008 والمتعلق بتنظيم اللزمات الوطنية الذي فتح الباب أمام الاستثمار الخاص في إنجاز المشاريع الوطنية ومعاضدة الجهد الوطني في تطوير البنى التحتية والخدمات وتبعا للقرار الحكومي عدد 316/2020 المؤرخ في 20 ماي 2020 المتعلق بضبط الشروط والإجراءات الخاصة باللزمات وخاصة الفصل عدد 42 من الباب عدد03 الذي ينص صراحة أنه بإمكان للمترشح أن يقدم مشروعا يقدم مزايا وإضافات اقتصادية للدولة بشكل تلقائي وباعتماد أسلوب التفاوض المباشر مع احترام الشرط المنصوص عليه بالفصل عدد 49 والقاضي بعدم عرض أو اقتراح مشاريع هي بصدد الدراسة أو معروضة للمنافسة أو بصدد الإنجاز من قبل الدولة وانطلاقا من الفصل عدد 42 ،الفقرة عدد 07 من الباب عدد 03 من نفس القانون والقاضية بعدم تحمل الدولة أية مسؤولية مباشرة أو غير مباشرة مثل الضمانات أو الشراكات المتعلقة بإنجاز المشروع،يتنزل هذا المشروع ضمن الإطار القانوني المذكور أعلاه.
وتبلغ كلفة المشروع المندمج النهائية : 1800 مليون دينار وبطاقة تشغيلية تقدر بــ :800 موطن شغل قار و 1100 موطن شغل غير قار تتوزع على الوحدات الصناعية التالية :
وحدة صنع الإسمنت الرمادي بطاقة إنتاج سنوية تقدر ب 1 مليون طن من مادة الكلنكر، تخصص للتصدير الكلي، بجهة جبل بن درار من معتمدية باجة الشمالية بولاية باجة وتقدر كلفة إنجاز المشروع ب 800 مليون دينار، سيوفر 300 مواطن شغل مباشر و700موطن شغل غير مباشر.
في إطار الحرص على تحقيق الجدوى الاقتصادية المطلوبة حيث أن إنتاج مادة الكلنكر بإسمنت باجة موجه للتصدير الكلي فقد تكفل مكتب الدراسات ٰتاسكوٰ في إطار اتفاقية الشراكة مع الشركة التونسية للسكك الحديدية بإنجاز دراسة الجدوى الفنية والاقتصادية لربط الميناء الإيكولوجي ببنزرت بالسكة الحديدية و تحديد مسارها و نقطة الربط أخذا بعين الاعتبار كل المعطيات التقنية الحالية.
وبناءا على ما تقدم فقد تعهد المستثمر باقتناء 150 عربة مغطاة لنقل المواد المصنعة لميناء بنزرت و ستخصص هذه العربات لنقل الرمل المحول المستخرج من طرف مجمع السبري طبقا لاتفاقية الشراكة الممضاة معهم.
وتقدر القيمة الجملية للعـربات المغطاة بـ70 مليون دينار وهي عربات مطابقة للمعايير الدولية للسلامة والمحافظة على البيئة.
وحدة صنع وتركيب وحدات إنارة بالطاقة الشمسية بطاقة إنتاج تقدر بـ 000300 وحدة سنويا وبطاقة تشغيل تقدر بــ: 400 موطن شغل موزعة بين 300 موطن شغل مباشر و100 موطن شغل غير مباشر و بكلفة 60 مليون دينار و ستركز هذه الوحدة بالمنطقة الصناعية بوتفاحة 2 التابعة لولاية باجة.
الميناء الإيكولوجي بصبرة من ولاية بنزرت: يندرج ضمن مفهوم “الميناء الأخضر” وخاضع للإجراءات التطبيقية الدولية لتوفير لوجستيك إيكولوجي مستدام وبكلفة جملية قدرها حوالي 468 مليون دينار. وستكون عملية الشحن والتفريغ أوتوماتيكية بالاعتماد على أحزمة ناقلة مغطاة أما التخزين فسيتم داخل مخازن مقببة و مجهزة بشفاطات مفلترة للشفط الكلي للغبار المنبعث من الكلنكر والرمل.كما سيوفر هذا المشروع 400 موطن شغل موزعة بالتساوي بين مباشر وغير مباشـر.
وتجدر الإشارة إلى أن الكلفة النهائية للمشروع المندمج قابلة للترفيع حسب النتائج النهائية للدراسات التنفيذية ،كما أن الدراست أثبتت أنه من الأنجع استغلال أرض بيضاء محاذية لمؤسسة اسمنت بنزرت قصد مد الخط الحديدي وتعبيد طريق لربط الميناء بالسكة الحديدية والطريق.
على أن الوصلة المذكورة والتي ستتكون من خط سكة حديدية وطريق معبدة والتي لا تلاقي أي حاجز طبيعي أو عمراني، سيقع إنجازها من طرف الشركة الباعثة لمشروع الميناء الإيكولوجي ببنزرت وعلى نفقتها وتحت إشراف ومراقبة كل المصالح الفنية ذات الصلة .
الدراسة الميدانية
الإنعكاسات الاقتصادية والاجتماعية والبئية بمنطقة المشروع
المنهجية المعتمدة لإنجاز الدراسة.
تهدف هذه الدراسة إلى الإجابة عن سؤالين رئيسين وهما :ما مدى تفاعل السكان المحليين بعمادة قصر مزوار ،ايجابيا مع مشروع “اسمنت باجة” وما هي انتظارا تهم من المشروع في صورة إنجازه؟
ومن أجل التوصل للإجابة عن هذين السؤالين وعدة أسئلة أخرى تتعلق بظروف العيش بالمنطقة ونوعية النشاط الاقتصادي والاجتماعي ومستوى المقدرة الشرائية ونوعية الفئات المستقرة بالمنطقة وعلاقتها بالفضاء المحيط بها اقتصاديا واجتماعيا وبيئيا .
كان من الضروري الإطلاع على مكونات المشروع والاستماع إلى كل الشروحات العلمية وكذلك إلى آراء وملاحظات الإدارة والسكان، وفي مرحلة لاحقة تم القيام بالزيارات الميدانية (التي لم تتوقف حقيقة من قبل عناصر مكتب الدراسات “تاسكو”) والوقوف على المواقع المرشحة للاستغلال والحديث مع السكان ومن ثمة إجراء دراسة ميدانية ،تم إٍرفاقها باستبيان يتعلق بمعرفة موقف سكان المنطقة من المشروع بالرفض أو القبول،وقد اخترنا عينة ممثلة كبيرة الحجم مقارنة بعدد السكان.
وقد تم تحديد المحور الرئيسي للدراسة على ضوء طلب المصالح الفنية لوزارة التجهيز ووزارة الفلاحة وباقي المصالح الفنية والإدارية وهو النظر في الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لمشروع “اسمنت باجة” على المنطقة.
ومن أجل النجاح في التطرق لكل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وغيرها كان لابد من التطرق لكل هذه الجوانب من خلال إنجاز دراسة سوسيولوجية تهتم بهاته الجوانب مجتمعة.
وقد اتفق فريق العمل على الجمع ضمن هذه الدراسة بين الدراسة الكيفية والكمية معا،وقد تم تكوين فريق عمل ميداني وشرح أهداف الدراسة الميدانية وتقنيات طرح الأسئلة وتقديم التوضيحات الضرورية للإطار القانوني والإداري لهذه الدراسة والغايية من إنجازها مع التزام الحياد التام عند طرح الأسئلة مع التأكيد (نظرا للمستوى التعليمي للمستجوبين) على أن الإجابة عن الأسئلة لا يعني بالضرورة إعلان الموافقة على المشروع مع التأكيد للباحثين الميدانيين على ضرورة تجنب التأثير على المستجوبين ،سلبا أو إيجابا.
وقد تمت مراسلة السيد والي باجة والسيدة معتمدة باجة الشمالية لطلب الإذن لإنجاز الدراسة المطلوبة، وقد انبنت الدراسة على عينة عشوائية ممثلة شملت 500 رب عائلة و 192 شاب عازب أي بمجموع 692 عائلة وشاب أي بنسبة تجاوزت 20 % من مجموع العائلات والشبان وهي نسبة عالية جدا بالمعايير العلمية المعتمدة ،كما تم اعتماد تقنية الملاحظة و اللقاءات الجماعية (focus-groupe )، ونظرا لشساعة المنطقة إذ يوجد 16 تجمعا سكنيا وعدد هام من المساكن المتشتتة فقد تم الإخيار على فريق متكون من 10 باحثين ميدانيين من المنطقة لتسهيل عملية التواصل مع السكان.
وقد اعتمدنا في إعداد هذه الدراسة الميدانية حول عمادة قصر مزوار من معتمدية باجة الشمالية من ولاية باجة، على إحصائيات معهد الإحصاء لسنة 2014 المحينة من قبل المعهد وكذلك على لقاءات فريق العمل مع السيدة معتمدة المكان إلى جانب السيد عمدة قصر مزوار والمصالح الفنية المحلية الفلاحية ومصالح الغابات والتجهيز وأملاك الدولة أساسا،كما تم الاعتماد على الزيارات الميدانية للعمادة قصد تشخيص الوضع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لمجموع السكان الموجودين داخل لعمادة بشكل دائم وكانت اللقاءات هي محاولة للاعتماد على التحليل الكيفي وعدم الاكتفاء بالإحصائيات الرسمية قصد الوقوف أولا نمط عيش هؤلاء السكان و على تمثلهم للمشروع الذي نعتزم إنجازه والوقوف على مخاوفهم و حاجياتهم ومجالات التعاون الممكن من حيث التعويض إن كانت هناك حاجة لذلك أو للعلاقة المستقبلية وموقع المشروع في معالجة الصعوبات الطبيعية أو النقائص المتعلقة بالبنية التحتية ومدى قدرة المشروع على دفع الحيات الاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة،وقد سبقت هذه الخطوة عملية إعداد الاستجوابات ووضع الفرضيات التي ستقود عملنا البحثي من خلال اختيار عينة عشوائية ممثلة وطرح جملة من الأسئلة الكتابية.
وقد تمت صياغة الأسئلة على ضوء الملاحظات الميدانية واللقاءات الفردية والجماعية focus-groupe التي تم إجرائها على امتداد عدة أشهر،وتم إعداد تطبيقة إعلامية متطورة تضمن تجنب أخطاء التسجيل على الاستجواب الرقمي وسرعة التنفيذ وشفافية تسجيل المعطيات بما أن التطبيقة تسمح لفريق التحليل بمراقة المعطيات ومراجعتها باستعمال أرقام الهواتف الجوالة للمستجوبين (هناك خانة مخصصة لتسجيل تلك الأرقام )،وقد تجنبنا طرح أية أسئلة بخصوص المشروع حتى لا يفهم المستجوب أن الأسئلة المتعلقة بوضعه الاقتصادي والاجتماعي لها علاقة بالمشروع وأنه ربما يكسب من وراء إخفاء بعض المعطيات ،خاصة وأن سكان الريف متعودون بهذا الصنف من الزيارات والأسئلة من قبل مصالح الشؤون الاجتماعية وهم لا يفرقون إلى حدّ اليوم بين المصالح الإدارية الرسمية ومكاتب الدراسات الخاصة.
وقد طرحنا سؤالين مختصرين في آخر الاستجواب حول قبولهم بمشروع “اسمنت باجة” من عدمه وذكر أحد سببين وهما الشغل أو لأنه مشروع صديق للبيئة.
العينة المستجوبة :
نظرا لطبيعة المشروع الذي يطرح وجوده جملة من الأسئلة حول مآل النشاط الاقتصادي مثل عمليات الرعي ،خاصة وأن هذا النشاط يعد أبرز نشاط اقتصادي وكذلك حول المساحة التي سيحتلها المشروع ومدى تأثير ذلك على الملكيات الخاصة من أراض ومساكن وملكيات اقتصادية،فقد تم الاختيار على عينة من الرجال والنساء (آباء و أمهات ) من المتساكنين والمالكين للمنازل والأراضي بحيث تم اختيار 489 عائلة من جملة 882 تقطن بالمنطقة ويعتبر حجم العينة عال وممثل بشكل جيد لسكان العينة ، كما تم استجواب 203 شاب أعزب بشكل عشوائي كذلك،حتى نتمكن من الاستماع إلى الرجال والنساء والشباب وقد أنتج هذا الاختيار العشوائي ،الذي ارتكز على الذهاب نحو التجمعات السكنية وطرح الأسئلة على السكان دون اختيار مسبق،وقد شاركت 18 امرأة (أرملة ) و 05 نساء مطلقات و466 متزوج و203 شاب أعزب.
وقد كان العدد الجملي للنساء 90 إمرة بين متزوجة ومطلقة وأرملة في الإجابة على الاستبيان من جملة 692 وحيث عنصر المرأة يعد مهما من حيث عددها وثانيا لأهمية النشاط الذي تقوم به المرأة.
تقديم معتمدية باجة الشمالية وعمادة قصر مزوار (منطقة المشروع)
معتمدية باجة الشمالية :
تقع معتدية باجة الشمالية شرق ولاية باجة وتحدها ولاية بنزرت من جهة الشرق ومعتمدتي تستور وباجة الجنوبية من الجنوب ومعتمدية عمون من الغرب ومعتمدية نفزة من الشمال وتعد هذه المعتمدية 71.198 ساكنا على مساحة جملية قدرها 41.600 هكتار منها 38 ألف هكتار محترثة و2100 هكتار هكتار غابات ويخصص سنويا ما معدله 22510 هكتار للحبوب و 2590 للخضروات والبقول و 7050 هكتار للأعلاف إلى جانب مساحات أخرى مخصصة للزيتون والأشجار المثمرة وزراعات أخرى.
ويوجد بهذه المعتمدية 119 بئرا سطحية و 25 بئرا عميقة و 04 سدود تلية و 04 بحيرات جبلية و 03 عيون.
وتبلغ نسبة التزود بالماء الصالح للشراب 21.04% عن طريق الشركة التونسية لتوزيع المياه و 69.3% عن طريق الهندسة الريفية بينما تبلغ نسبة الربط بالكهرباء %100.
ويبلغ عدد السكان للطبيب الواحد 720 ساكن و تمثل المرأة الريفية نسبة 30.7% من مجموع النساء في المعتمدية ،ثلث النساء الريفيات فقط يشتغلن بينما تبلغ نسبة البطالة بينهن %27.4 ونسبة الأمية %29.5.
المعطيات الطبيعية والسكانية :عمادة قصر مزوار
خارطة عمادة قصر مزوار
عمادة قصر مزوار عمادة ذات طابع فلاحي بشكل كامل تتميز تضاريسها بوجود سلسلة من الهضاب والهضاب الجبلية ذات الطابع الغابي ويتميز مناخها بالرطوبة طيلة فصول الشتاء والخريف والربيع وتتميز فلاحتها بوجود عدد هام من المستغلات الفلاحية التي تفوق مساحتها الـ 30 هكتارا ويقطن مالكيها بمدينة باجة أو بتونس العاصمة ،بينما يستقر باقي المالكين للأراضي الفلاحية على عين المكان و لا يزالون يحافظون على أساليب إنتاج تقليدية وذات مردودية متوسطة رغم جودة التربة التي تعتبر من أجود أنواع التربة بتونس،وقد تأثر نمط عيشهم بأساليب الاستهلاك الحديثة وهو ما ساهم في تقليص أنواع النشاط الفلاحي لكي تقتصر على الزراعات الكبرى وتربية الماشية.
مـلاحظات | مجموع الأفراد | إحصائيات المساكن المنعـزلة | إحصائيات التجمعات السكنية | ||||
عدد الأسر | عدد المساكن | عدد المحلات | عدد الأسر | عدد المساكن | عدد المحلات | ||
= | 4940 | 282 | 261 | 277 | 669 | 662 | 685 |
توجد عمادة قصر مزوار شرق معتمدية باجة الشمالية،وتقع عمادة قصر مزوار في شمال شرق معتمدية باجة الشمالية و يحدها من الجهة الشرقية والشمالية الشرقية ولاية بنزرت وعمادة النقاشية من الجهة الغربية والشمالية الغربية وعمادة المنشار من الجهة الجنوبية. و تعد عمادة قصر مزوار 4900 نسمة وهي منطقة زراعية بعيدة عن المراكز الحضرية المحيطة بها (معتمدية باجة الشمالية ومدينة باجة وعمدون من ولاية باجة ومعتمدية ماطر من ولاية بنزرت وتربطها بكل من باجة من جهة وماطر من ولاية بنزرت طريق واحدة وهي ط.و. رقم 11 ،ومي عمادة تتوزع مساحتها بين جبال وهضاب وسهول شاسعة وتغطي بعض هضابها غابات صغيرة المساحة وتتميز المنطقة بتربية الماشية من أبقار وأغنام وماعز .. وتعبر عملية تربية الماشية عنصرا أساسيا في حياتهم، إضافة إلى زراعة الحبوب والبقول والثوم وبعض الخضروات .
وقد تم القيام بعملية جرد لكل التجمعات السكانية بالعمادة ولعدد المساكن والمحلات الفلاحية والتجارية والخدماتية إضافة إلى ضبط التجهيزات الجماعية ،وكانت اللقاءات الميدانية مع سكان العمادة هامة من أجل التعرف على نمط العيش عندهم وما سجلناه في المقام الأول هو وجود ستة عشر تجمعا سكنيا يتفاوتون في الحجم الديموغرافي ويعد تجمع قصر مزوار( المحطة ) أهم تجمع سكني بالعمادة وهو المدخل الرئيسي للعمادة من جهة مدينة باجة على الطريق الوطنية عدد 11 المؤدية إلى ولاية بنزرت أين يوجد مفترق طرق تنطلق منه طريق محلية عدد 129 المؤدية بدورها إلى معتمدية ماطر مرورا بعمادة قصر مزوار من جهة الجنوب في اتجاه شمال العمادة.
نمط عيش سكان المنطقة
يُعد نمط عيش إي مجموعة بشرية مؤشرا على حالتها الثقافية والاقتصادية والعمرانية وعلى علاقتها بالزمن وبالتحولات الاجتماعية من داخلها أو من خارج نسق عيشها ،وحيث نعلم بشكل علمي دقيق أن مدى انغلاق أو انفتاح تلك المجموعة البشرية كفيل بقبول أو رفض أي جديد بغض النظر عن ايجابياته وسلبياته.لذلك كان لزاما عليها الاقتراب وللمدة الزمنية التي نراها ضرورية قصد التعرف على نمط عيش سكان عمادة قصر مزوار وقد لاحظنا من خلال الزيارات المتعددة لفرق عمل مكتب الدراسات “تاسكو” ومن خلال الحديث كذلك مع عمدة المكان (وهو ابن منطقة قصر مزوار) ،ثم من خلال الالتقاء بمجموعة من السكان عند عرض المشروع وكذلك الجلوس مع مجموعة من شباب المنطقة المتعلمين وأخيرا من خلال إجراء الدراسة الميدانية التي اخترنا أن تجمع بين الأسلوب الكيفي والأسلوب الكمي.
وقد لاحظنا في بدايات اللقاء مع سكان المنطقة شيء من النفور من فكرة المشروع وحتى التساؤل حول ماهية الأشخاص الذين يتحدثون إليهم وقد كانت ردة الفعل تلك منتظرة وكانت عملية التعريف بالمشروع ضرورية جدا لكسر حاجز الخوف من المجهول ودفع السكان إلى القبول،شيئا فشيئا بفكرة المشروع وهو ما ستبينه نتائج الدراسة الكمية لاحقا.
تعدُّ عمادة قصر مزوار 4900 نسمة وهي منطقة زراعية بعيدة عن المراكز الحضرية المحيطة بها (معتمدية باجة الشمالية ومدينة باجة وعمدون من ولاية باجة ومعتمدية ماطر من ولاية بنزرت وتربطها بكل من باجة ط.و. رقم 11من جهة وماطر من ولاية بنزرت طريق واحدة وهي ط.م. رقم 29 ،ومي عمادة تتوزع مساحتها بين جبال وهضاب وسهول شاسعة وتغطي بعض هضابها غابات صغيرة المساحة ،ويتميز طابع الحياة اليومية عند سكان المنطقة بجملة من القواسم المشتركة ،حيث أن كل المنازل بجانبها إسطبل أو مراح،و المراح هو إسطبل باللغة العامية وهو عادة يكون أصغر من الإسطبل وغير محمي ببناء أسمنتي بل يتم استعمال أغصان الأشجار لبناء جدرانه وهو لا يتوفر على سقف بالنسبة للأغلب مساحته، وهو ما يشير إلى اشتراك السكان في عملية تربية الماشية من أبقار وأغنام وماعز .. وتعبر عملية تربية الماشية عنصرا أساسيا في حياتهم ولا يعتبر من يمتهن مهمة الرعي عاملا بالمعنى الإحصائي أو الإداري كما يشترك عادة كل أفراد العائلة في تأمين هذه المهمة، كما يتميز جل السكان بممارسة النشاط الفلاحي لصالحهم الخاص أو لصالح جيرانهم من أصحاب الضيعات الكبرى.
ومن المهم كذلك الإشارة إلى أن تربية الأبقار والأغنام والماعز نشاطا قديما وله أهمية خاصة عند سكان المنطقة فوجود البقرة يتعدى معناه مجرد وسيلة الإنتاج للعجل أو الحليب ،إذ أن المنزل الذي يفتقد غلى وجود الأبقار هو منزل يفتقد إلى مقوم حيوي وهام في رمزيته بالنسبة للمرأة كما الرجل حيث نلاحظ بالعين المجردة ومن خلال الملاحظة الدقيقة والممتدة في الزمن (ولو قليلا ) أن الحيوانات تحولت إلى رفيق يحادثها الراعي ويشتكي منها إلى جيرانه ويمدحها ويثني عليها عندما تطيعه ولا تتسبب في إرهاقه،بل هناك من يعطي أسماء لهذه الحيوانات وقد يحصل أن تستمع للزوجة أو الأم تسأل زوجها أو أحد أبنائها عن “فلانة” أي البقرة ومع من ترك وهل هو مطمئن اتركها وحيدة ،بل قد تلومه وتبادر هي بمغادرة المنزل للالتحاق ببقرتها أو بقراتها أو خرفانها،ليس خوفا عليهم من السرقة،حيث ان كل من يتواجد بالمنطقة معروف وفي عديد الحالات أقرباء ،ولكن الأم أو أفراد العائلة لا يقبلون ببساطة ترك أبقارهم أو خرفانهم بمفردها ويقبلون بالمكوث بجوارها ساعات عدة وهي تسعى في الأرض
وقد لاحظنا أن جزءا هام منهم لازالوا يحافظون على نشاط زراعة بعض الخضر والبقول ويشترك عادة في عمليات الغراسة والجني جل أفراد العائلة كما أن الجيران يمدون يد المساعدة بشكل تلقائي وهو تعاون متبادل بين سكان المنطقة حيث أن نمط الاقتصاد الاجتماعي التضامني يعد أسلوبا في العيش طويل المدى.
ونود الإشارة إلى أن ما نعرفه عن أعالي تلك المناطق وهو ما أكدته الدراسة،خاصة من خلال الملاحظة والحديث مع الأفراد والمجموعات،هو أن ثقافة هذه المناطق تعتبر العمل بغراسة الخضر والبقول والزياتين حول منازلهم وعلى مساحات تعتبر هامة ( تعتبر في مناطق أخرى كافية لتعتبر مصادر رزق قار)، تعد نشاطا عاديا وموروثا من عشرات السنين،حيث أن من يملك قطعة أرض تحيط بمنزله أو تبعد عنه بعض الشيء لا يرى في استغلال تلك القطعة من الأرض كافية لتكون مصدر رزق وبالتالي فإنهم يصرحون عندما يسئلون عن عملهم بأنهم إما عاطلين عن العمل أو أنهم عملة فلاحة موسميين ،بينما نلاحظ أنهم يجتهدون في تربية الأبقار والأغنام وزراعة بعض البقول والخضر والحبوب ويصرحون أنها للاستهلاك العائلي، وقد لمسنا أن هذه العائلات تستهلك البيض ولحم الدجاج والبقول المجففة وبعض الخضر كما تحرص على إعداد مخزون سنوي من المعجنات وزيت الزيتون مما تنتجه محليا وفي ضيعتاهم الخاصة.
وبالنسبة للمرأة فهي تؤمن العمل من تنظيف وترتيب المنزل وإعداد الطعام ثم تخرج للرعي وجلب الماء والحطب للطهي ،وهي تتشارك في رعاية الأغنام أو الأبقار مع أبنائها عند عودتهم من المدرسة أو المعهد ويشاركهم في ذلك رب العائلة إن كان لا يعمل أو انه عائد من عمل بالعاصمة في قطاع البناء حسب ما تبينه نتائج الدراسة،وقد لاحظنا أن الأبناء في عديد المناسبات يواصلون مراجعة دروسهم وهم يقومون بعملية الرعي.
الزوجة | 65 | 46.1% |
الإبن | 40 | 28.4% |
والبنت | 7 | 5% |
وقد شهدت المنطقة في أواخر السنوات التسعين انتشار عمليات الربط بالكهرباء وهو ما سمح بدخول التلفزة للمنازل ثم وفي العشرية الأخيرة انتشرت الأنترنات بين الشباب والهاتف المحمول بين أغلب السكان.
وبالنسبة لتركيبة العائلات فإن الإحصائيات الميدانية أن معدل الأبناء هو ثلاثة أبناء بينما لا نزال نسجل وجود عائلات لها بين 4 و 6 أطفال (64 عائلة لها بيم 4 و6 أناء) وحيث أن القدرة الشرائية عموما ضعيفة فإن الوضع الاجتماعي للأب يتأثر بكبر أفراد العائلة حيث سجلنا 295 عائلة تمتلك منزلا من غرفة واحدة و 59% منهم يشربون ماء شبكة الهندسة الريفية و 226 عائلة تمتلك منزلا من غرفتين و75 %منهم يتحصلون على مياه الهندسة الريفية ،أي أن الماء لا يوجد بمنازلهم وإنما يتم جلبه من مسافة 100 متر أو 1 كم أو أكثر،كما أن الطاقة المالية للأب لا تسمح بضمان مسار دراسي ناجح ومتواصل لأبنائه.
وحيث أن المنطقة تتوفر فقط على مدرسة ابتدائية واحدة وهي تبعد أحيانا 4 أو 6 كم عن منازل بعض التلاميذ،فإن نسبة الانقطاع تعد هامة ونلاحظ ذلك في نتائج عملية الإحصاء التي أجريناها أن عدد الأميين ضمن العينة هو 105 أشخاص.
ويعتبر هذا العدد الذي يمثل نسبة 15% من أفراد العينة رقم هام جدا سنة 2021 ويعبر عن التخلف الاقتصادي والاجتماعي التي تعيشها هذه المنطقة،كما يمثل الذين زاولوا أو يزاولون تعليمهم الثانوي 42% من مجموع العينة سنة 2021 بينما لا يمثل أصحاب الشهادات العليا سوى 6.6% .
وتعتبر هذه النتائج عادية في منطقة معزولة ولا تتوفر فيها كل الخدمات الإدارية والاجتماعية والثقافية،إذ باستثناء المدرسة الابتدائية “عين حنش” لا توجد أية مؤسسة رسمية بالمنطقة،علما أن جل الأبناء الذين بلغوا مستوى الثانوي قد انقطعوا عن الدراسة بسبب الرسوب أو عدم قدرة أوليائهم على توفير الإمكانيات المالية لمواصلة دراستهم وهو ما يفسر التناقض الكبير بين عدد الذين زاولوا التعليم الثانوي (42%) والذين بلغوا المستوى الجامعي 6.6% ونرى حسب الإحصائيات أن حوالي 8% منهم يعملون بالقطاع الفلاحي بشكل موسمي و 21% منهم يعملون عملا آخر وهو عادة عمل بقطاع الخدمات بباجة أو بالعاصمة وهي أعمال هشة .
وبالنظر للتركيبة الاجتماعية لاحظنا أن هناك بعض العائلات المالكة للضيعات الكبرى تتحكم في نسق الحياة بالمنطقة ،فهي التي تشغل عدد هام من السكان في زراعة الثوم أو “الطايعة أو زريعة الشمس ” والبقول وجني الزيتون وتحرص هذه العائلات المالكة على الحضور في المناسبات الهامة للسكان مثل الأعراس أو المآتم والأعياد وتمد يد المساعدة للمحتاجين منهم،وقد ذكر بشير (وهو شاب متعلم وعاطل عن العمل) عند لقائنا به مع مجموعة هامة من الشبان،ذكر أن هذه العائلات تتحكم في كل جزئيات الحياة وتقف حاجزا بين السكان والسلطة المحلية الجهوية،حيث لا يمكن التفكير في مقابلة المعتمد أو حتى الحديث مع العمدة دون علم وموافقة هذه العائلات إلى درجة أن احتياجاتهم ومشاكلهم لم يعد لها معنى إذا لم تعترف بها هذه العائلات،وعلق على حالة التردد التي عبر عنها مجموعة من السكان داخل العمادة،بالقول أنه أبن المنطقة (واستشهد بمن كان حاضرا) ويعرف السكان على غرار باقي العناصر الحاضرة وهم يعلون أن أغلب الذين عبروا عن رفضهم أو ترددهم هم ،غما من عمال الضيعات المذكورة وموالون لمشغليهم أو من بعض السكان الذين يشتغلون بالغابات ويخافون من انقطاع عملهم لأنهم يتصورن أن المشروع سيتسبب في قطع أشجار الغابة وبالتالي حرمانهم من مورد رزقهم.
الأنشطة الاقتصادية
شملت عينة البحث 692 ساكن من سكان عمادة قصر مزوار وبينت الدراسة الميدانية أن هناك 65 مالك فلاحي و 305 عامل فلاحي و 258 يشتغلون بمهن أخرى وهم حسب تصريحهم يشتغلون عملة فلاحيين موسمين ويذهبون إلى مدينة باجة أو العاصمة تونس للإشتغال بقطاع البناء خاصة،بينما سجلنا وجود 43 موظف أو عون عمومي يشتغل بالإدارة التونسية و 09 سكان يمتلوكون محلات تجارة بالتفصيل و10 سكان يشتغلون بالتجارة العامة ويقصدون بذلك تجارة الدواب والحبوب والبقول والخضر..،بينما 02 سكان يمتلكون 02 مقاهي بالمنطقة.
صاحب مقهى | صاحب عطرية | مهنة أخرى | موظف | تجارة عامة | عامل فلاحي | فلاح |
2 | 9 | 258 | 43 | 10 | 305 | 65 |
ومن المهم جدا قراءة هذه الأرقام انطلاقا من معرفتنا بثقافة السكان ونظرتهم لمفهوم الشغل ووسائله وكذلك من خلال معرفتنا بالمنطقة ،فالشخص الذي يتم استجوابه بمنزله الذي يوجد وسط مساحة تقل عن الهكتار وله بقرة أو اثنين أو بعض الخرفان ،لا يعتبر نفسه فلاح والدليل أنه عندما دققنا معهم بخصوص ما يمتلكونه من أراضي صرح 97 ساكن أنهم يملكون من 01 إلى 05 هكتار وهناك عدد هام آخر يمتلكون مساحة أقل من الهكتار الواحد وهم غير مسجلين ضمن المالكين الفلاحيين وهي ثقافة لايراها من ليس مطلعا على ثقافة الجهة بل والإقليم عموما حيث لا يعتبر من يملك مساحة صغيرة (أقل من هكتار) لايعبر نفسه فلاحا ويصرح أنه عامل بقطاع البناء أو الإدارة أو التجارة،بينما لاحظنا بالعين المجردة وحتى بما اطهرته أرقام الدراسة حيث ان السكان يملكون أقبار وأغنام وماعز ويزرعون بعض البقول ولهم أشجار أو شجيرات زيتون،ودون الخوض في التعريف العلمي لمفهوم العمل ونصنيفه،فإننا تلاحظه أن عدد هام من السكان يمارسون أكثر من مهمة يحتى يتمكنون من توفير الحاجات العائلية المادية.
ولو جمعنا عدد الذين صرحوا بأنهم مالكين فلاحيين مع من صرحوا بأنهم عاملين فلاحيين والفئة الأخير التي صرح أصحابها بأنهم يشتغلون بعمل آخر فإن الإستنتاج الأهم هو أن القطاع الفلاحي هم القطاع الطاغي ،كما نلاحظ غياب العملة الصناعيين وعمال الخدمات وعمال القطاع السياحي والصحي وهو ما يبين آحادية النمط الاقتصادي وهو نمط اقتصادي يفتقر إلى التنوع والقوة ويحرم السكان من العديد من الخدمات الهامة كما يكرس العمل الهش وضعف القدرات الشرائية .
ويتميز القطاع الفلاحي بتشتت الملكية إذ يوجد فقط 06 أشخاص يملكون 30 هكتار أو أكثر وهي المساحات التي تُعد اقتصاديا منتجة وربحة بينما يملك 97 فلاحا من 01 إلى 05 هكتار وهي مساحات صغرى وأقل من المتوسطة كما أن هذه المساحات توجد على هضاب ومناطق صخرية احيانا ومعزولة تماما ،إذ لاتوجد مسالك محلية أو فلاحية وهو ما يجعل من استغلالها أمرا صعبا ومكلفا ،وهي الخصوصية العامة لجل المساحات الزراعية بما في ذلك المساحات الصغرى التي لا تظهر في الإحصائيات المتوفر،حيث كنا ذكرنا أن من يملك أقل 01 هكتار لا يعتبر نفسه فلاحا وأن ما يملكه بواسطة الإرث مع إخوته وأقربائه (وهو ما يفسر تشتت الملكية) وهي مساحات تستغل بالأساس بناء منزل من غرفة أو غرفتين ولكننا نلاحظ أنهم جميعا يبنون بجانب هذه المنازل أسطبلات صغيرة لإيواء بقرة أو إثنين أو بعض الخرفان أو الماعز بما يعني بالظرورة أنهم يمارسون نشاطا فلاحيا ولو كان بسيطا وربما يكفي فقط لتغطية بعض الحاجيات العائلية الظرورية ولنا في الجدول البياني الموالي دليل على ذلك حيث يمتلك 51 مواطنا اسطبلا ،ممن يمكن اعتبارهم من الطقبة الفقيرة والتي تضم 226 ساكنا
تصنيف الزراعات
يعتبر النشاط الفلاحي هو النشاط المنتج الوحيد الموجود بالمنطقة وهو أول مشغل بعمادة قصر مزوار إذ علاوة على عدد الذين صرحوا أنهم يمارسون نشاطا فلاحيا (65 فلاح) ،نسجل وجود 305 سكان يصروحون أنهم يعملون بالقطاع الفلاحي موسميا مقابل 43 شخص صرحوا بأنهم يعملون موظفين وبالنظر لمستواهم التعليمي نفهم أنهم يؤدون أعمال بسيطة مثل عامل بالقطاع الغابي أو عامل حظيرة.
ونود الإشارة إلى أن ما نعرفه عن أعالي تلك المناطق وهو ما أكدته الدراسة،خاصة من خلال الملاحظة والحديث مع الأفراد والمجموعات،هو أن ثقافة هذه المناطق تعتبر العمل بغراسة الخضر والبقول والزياتين حول منازلهم وعلى مساحات تعتبر هامة ( تعتبر في مناطق أخرى كافية لتعتبر مصادر رزق قار)، تعد نشاطا عاديا وموروثا من عشرات السنين،حيث أن من يملك قطعة أرض تحيط بمنزله أو تبعد عنه بعض الشيء لا يرى في استغلال تلك القطعة من الأرض كافية لتكون مصدر رزق وبالتالي فإنهم يصرحون عندما يسئلون عن عملهم بأنهم إما عاطلين عن العمل أو أنهم عملة فلاحة موسميين ،بينما نلاحظ أنهم يجتهدون في تربية الأبقار والأغنام وزراعة بعض البقول والخضر والحبوب ويصرحون أنها للاستهلاك العائلي، وقد لمسنا أن هذه العائلات تستهلك البيض ولحم الدجاج والبقول المجففة وبعض الخضر كما تحرص على إعداد مخزون سنوي من المعجنات وزيت الزيتون مما تنتجه محليا وفي ضيعتاهم الخاصة.
ولا تعتبر التجارة نشاطا أساسيا بالمنطقة إذ بحكم ملاحظتنا للمنطقة نعتبر أن من صرحوا بأنهم يمتهنون التجارة العامة ،هم أشخاص يتاجرون في الحبوب والقول والدواب لفائدة المنطقة أساسا وربما يمتد نشاطهم إلى العادات المجاورة،ونرى كما يبينه الجدول البياني التالي أهم الزراعات التي بالمنطقة :
نرى إذا، نوعية الغراسات وأهميتها حسب النشاط حيث أصبحت غراسة الثوم و”الطايعة أو زريعة الشمس كما يسميها الأهالي إلى جانب الحبوب والبقول هي الأنشطة الأهم ،ونحن وإن اعتبرنا الحبوب هي أهم الزراعات فلأن هناك عدد هام من السكان الذين صرحوا أنهم ليسو فلاحين ولكنهم يزرعون المساحات الصغرى عندهم حبوبا.
وقد أصبحت تعرف هذه المنطقة وعدة مناطق أخرى من ولاية باجة بزراعة الطايعة والثوم نظرا لغلاء أسعارهما كما أنهم لم يفرطوا في زراعة الحبوب خاصة وأن أراضيهم من أكثر المناطق خصوبة في تونس ،وهي لا تحتاج إلى كميات كبيرة من الأمطار لإنتاج الحبوب والبقول والثوم وغيرها.
وقد كنا أشرنا سابقا إلى أن تربية الأبقار والأغنام والماعز نشاطا قديما وله أهمية خاصة عند سكان المنطقة فوجود البقرة يتعدى معناه مجرد وسيلة الإنتاج للعجل أو الحليب ،إذ أن المنزل الذي يفتقد غلى وجود الأبقار هو منزل يفتقد إلى مقوم حيوي وهام في رمزيته بالنسبة للمرأة كما الرجل، حيث نلاحظ بالعين المجردة ومن خلال الملاحظة الدقيقة والممتدة في الزمن (ولو قليلا ) أن الحيوانات تحولت إلى رفيق يحادثها الراعي ويشتكي منها إلى جيرانه ويمدحها ويثني عليها عندما تطيعه ولا تتسبب في إرهاقه،بل هناك من يعطي أسماء لهذه الحيوانات وقد يحصل أن تستمع للزوجة أو الأم تسأل زوجها أو أحد أبنائها عن “فلانة” أي البقرة ومع من ترك وهل هو مطمئن اتركها وحيدة ،بل قد تلومه وتبادر هي بمغادرة المنزل للالتحاق ببقرتها أو بقراتها أو خرفانها،ليس خوفا عليهم من السرقة،حيث أن كل من يتواجد بالمنطقة معروف وفي عديد الحالات هم أقرباء ،ولكن الأم أو أفراد العائلة لا يقبلون ببساطة ترك أبقارهم أو خرفانهم بمفردها ويقبلون بالمكوث بجوارها ساعات عدة وهي تسعى في الأرض .
وبالعودة لنوعية النشاطات الخاصة بتربية الماشية ،نلاحظ حسب الإحصائيات التي أفرزتها الدراسة ضمن العينة المختارة نلاحظ أهمية الأعداد المتوفرة من الأبقار والأغنام خاصة ثم يليها الماعز
والدواب التي يتم استعمال في أعمال الحرث والجرّ. وكما يبينه الجدل البياني فغن الفئة التي تملك من 3 غلى 5 أبقار عددها 55 شخصا بينما يملك أكثر من 16 فلاحا أكثر من 16 بقرة وهو استثمار شديد الأهمية ،بينما يبلغ عدد السكان الذين يملكون 2 خرفان ثمانية بينما يبلغ عدد من يملكون أكثر من 10 خرفان 66 شخصا،ونلاحظ كذلك أن تربية الماعز الذي يحبذ المناطق الغابية غير مرتفعة عندهم حيث يبلغ عدد من يملكون أكثر من عدد 10 ماعز أربع أشخاص.
انعكاسات المشروع على الجانب الاقتصادي والاجتماعي.
تمهيد :
كانت الغاية من هذه الدراسة هو الوقوف على الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية للمشروع على منطقة قصر مزوار، وكان من الضروري الإطلاع على مكونات المشروع والاستماع إلى كل الشروحات العلمية وكذلك إلى آراء وملاحظات الإدارة والسكان، وفي مرحلة لاحقة تم القيام بالزيارات الميدانية (التي لم تتوقف حقيقة من قبل عناصر مكتب الدراسات “تاسكو”) والوقوف على المواقع المرشحة للاستغلال والحديث مع السكان ومن ثمة إجراء دراسة ميدانية ،تم إٍرفاقها باستبيان يتعلق بمعرفة موقف سكان المنطقة من المشروع بالرفض أو القبول،وقد اخترنا عينة ممثلة كبيرة الحجم مقارنة بعدد السكان.
شكل بياني لمجموع العينة مصنفة حسب الحالة المدنية
وكما يبينه الرسم البياني فإن العينة العشوائية تتكون من كل الفئات الاجتماعية تقريبا ما عدى من هم دون سن الـ 18 سنة من أطفال وفتيات من أبناء المنطقة.
وقبل تحليل مواقف السكان وأسبابها حسب الفئة العمرية أو الجنس أو المهنة فإننا سنذكر بالخطوات الأولى لعلاقة الدراسة بالمشروع من حيث تركيبته وموقعه كما عايناه على الميدان وعلى ضوء ما توفر لدينا من دراسات وعروض مقدمة من قبل مكتب الدراسات “تاسكو”.
عند انطلاق فكرة المشروع والتشاور مع المصالح الفنية لوزارة الفلاحة ووزارة أملاك الدولة للنظر في تحديد موقع المشروع والمتمثل أولا في تحديد المكان الذي سيثبت علميا أنه الأنسب لوجود المقطع ثم مكان انتصاب الوحدة الصناعية لتحويل المواد الخام المستخرجة،وقد قع الاتفاق مع المصالح الفنية على العمل على القيام بعمليات البحث الجيولوجي بجبل درار موضوع الرسم العقاري عدد ومساحته 630 هكتار،وحيث انطلقت فرق العمل في زيارة الجبل المذكور ( والذي يحيط به تجمعان سكنيان ) وحيث كان الفريق يتكون من مجموعة من المختصين في المجال الجيولوجي فقط كان التواصل محدودا مع السكان وهو جعل فكرة تحوز المستثمر بالجبل والغابة تنتشر بقوة ،وحتى عندما تم الاختيار على مكان الاستخراج لم يتم إعلان ذلك للعموم مما ترك المجال مفتوحا للاعتقاد بأن المستثمر سيستحوذ على كل المساحة،بينما تم تحديد الموقع بدقة شديدة وإعلام المصالح المعنية أن الشركة تحتاج إلى مساحة 50 هكتار لمدة استغلال قد تصل إلى 50 سنة .
مكان المقطع المقترح.
ويوجد هذا المقطع بمكان يتم استغلاله حاليا كمقطع تقليدي من قبل مجموعة من الشركات والمواطنين وهو بعيد عن الغابة ولا يمكن حسابيا أن يحتاج إلى قطع الأشجار التي تبعد عن المقطع بحوالي 500 متر خطي في الخمسين سنة المقبلة. وخلاصة القول أن كل فضاء الرعي لن يتم غلقه أو منع السكان من استغلاله وهو قانونا لن يكون مشمولا باللزمة المقترحة مع الدولة.
من الضروري الإشارة كذلك أن موقع المقطع هو موقع منعزل وبعيد عن التجمعات وحتى المنازل المنعزلة وكذلك الأمر بالنسبة لموقع الوحدة الصناعية والتي تم اختيار موقعها بعيدا عن الغابة وعلة رسم عقاري خاص تم الاتفاق مع صاحبه على شراءه،كما أن مضايقة السكان بحكم حركة مرور الشاحنات غير وارد بحكم مواقع التجمعات السكنية وعددها 16 وهي تبعد عن مكان المشروع من 1.5 كم إلى 8 كم بل إن أغلبها لا يمكن أن تراها لأنها توجد على سفوح هضاب بعيدة ومن الجهات المتوارية عن موقع المشروع.
وبالنسبة لتلويث المناخ فإن المستثمر يؤكد على تقدم التكنولوجيا المستعملة “صديقة للبيئة” وان نسبة تصفية الغبار الصادر عن عملية تحويل المواد الخام تصل 98 % ،كما أن المشروع سيعتمد على الطاقة الشمسية بشكل كبير (سيتم تركيب ألواح “فوتوفولتاييك” لالتقاط الأشعة الشمسية على مساحة 30 هكتار تقريبا).
أما بالنسبة للمائدة المائية والتي تم عرضها علينا كما تم عرض كل مكونات المشروع كلما تقدمت الدراسات ،فإن الدراسات الأولية تظهر أن المائدة المائية توجد على عمق 90 مترا في موقع المقطع وبالتالي فإنه لا خوف من التصدعات التي يمكن أن تتسبب في ضياع المياه الجوفية كما عبرت عن ذلك مصالح وزارة الفلاحة وطلبت تدقيق الدراسات اللازمة للغرض..
رؤية السكان للمشروع :
كنا ذكرنا أن عينة البحث شملت 692 شخصا من نساء ورجال وشبان وقد تمكنا من تشريك جل الفيئات الاجتماعية الموجودة بالمنطقة وقد أسفر الإستبيان الذي شمل أفراد العينة مع التنصيص على أسمائهم وطلب الإذن بتسجيل أرقام هواتفهم للتأكيد على مصداقية المعطيات التي تحصلنا عليها.وقد بنعم للمشروع 72 من أفراد العينة بينما صوت 18.5 بلا و 9.5 بربما.
- حسب الققطاع المهني.
شكل بياني للتصويت بنعم حسب المهن.
يظهر الشكل البياني بوضوح مدى تأثر السكان بمهنهم ووضعهم الاجتماعي حيث يصور هذا الجدول أهمية فئتين من أكبر فيئات العينة وهما العملة الفلاحيين والعملة اليومين الذين أجابوا بنعم للمشروع ،ويعتبر ممثلو هاتين الفئتين ان المشروع يُعد فرصة هامة للقضاء على البطالة وحيث أن أغلبهم يملك بعض الماشية فقد رددوا السؤال حول مدى صحة المعلومة التي تفيد أن المشروع سيتسبب في حرمان قطعانهم من الفضاءات الرعوية وقد أظهروا ترحيبا كبيرا عندما تحدثوا مع ممثلو مكتب الدراسات “تاسكو” الذين شددوا على أن المشروع يحتاج إلى مساحة 50 هكتار فقط وحددوا لهم المكان المقترح بدقة ،ولكننا نلاحظ كذلك أن نسبة هامة من الفلاحين (حوالي 50 % ) قد عبروا عن موافقتهم على إنجاز
المشروع،ويعود ذلك في رأينا لسببين وهما ،الحديث مع ممثلي المستثمر والاستماع إلى التوضيحات التي قدموها ،وثانيا لوجود أرضيهم بعيدة عن المشروع.
- حسب الجنس
جدول بياني لتصويت النساء
ويبين الشكل البياني الثاني انخراط النساء بقوة في دعم فكرة المشروع لأنهن يرون فيه فرصة هامة للشغل بالنسبة لأبنائهن وبناتهن ،حيث صوتت 06 نساء فقط ضد المشروع من جملة 90 امرأة. بينما بلغت نسبة المصوتين بنعم من الشباب 79.8 وهي أعلى نسبة تصويت بنعم يليها تصويت فئة النساء.
توزيع نسب تصويت فئة الشباب.
نعم | 162 | 79.8% |
لا | 22 | 10.84% |
ربما | 19 | 9.36% |
وقد بلغت النسبة العامة للتصويت بنعم 72% رغم غياب حملة تعريف بالمشروع بشكل منظم وباستعمال الوسائل العلمية بسبب رفض إحدى العائلات المالكة وتحريضها لعمالها واللجوء لوسائل الإعلام لنشر صورة مشوهة عن المشروع ،مع العلم أن محاولات المستثمر لم تنقطع عن محاولة تنظيم يوم إعلامي في ظرف سياسي و أمني يتميز بعد الاستقرار ( 2019/2020/2021 ).
التأثيرات السلبية على ضوء الوضع الاقتصادي والاجتماعي القائم.
ولمحاولة فهم موقف سكان منطقة قصر مزوار من مشروع “اسمنت باجة” ،سواء كانوا مع إنجازه أو ضده ،لابد من أخذ كل المتغيرات الموضوعية التي عايناها سواء كان ذلك عبر الإستبيان المتعلق بالوضع الاقتصادي والاجتماعي القائم أو عبر الملاحظة والحديث من خلال تقنية focus-groupe حول ما يتعلق بالثقافة السائدة والعادات العائلية والمهنية والسلوكية وأخيرا نوعية المعلومات أو الإشاعات التي انتشرت بالمنطقة حول المشروع.
وقد كنا تحدثنا عن نمط عيش السكان ومدى تمسكهم بنمط عيشهم من خلال تمسكهم بالأرض والماشية وعلاقتهم بها في حياتهم اليومية،وإن أي تحول يمس النسق القائم يكون عاملا مزعجا حتى ولو لم يكن سليبا، ومما زاد في تخوف السكان هو مجموع الإشاعات التي تم تسريبها من عناصر مجهولة حول المشروع ،مثل القول بأن صاحب المشروع وجد منجما للذهب وأنه سيحدث كثيرا من الأذى بالمنطقة ويستحوذ على ما يوجد بها من ذهب ولن يعود هذا المشروع على سكان المنطقة وبالمقابل فإن العديد من الغرباء سيقتحمون منطقتهم ويقوموا بتلويثها دون مقابل، وفي مرحلة ثانية وبعد تردد عناصر مكتب “تاسكو” على المنطقة والحديث معهم عن طبيعة المشروع ،تم التخلي عن الإشاعة الأولى لتعويضها بإشاعة ثانية مفادها أن المستثمر سيستحوذ على المنقطة الغابية بأكملها وعلى مساحة 700 هكتار وسيتم غلق المنطقة ومنع الماشية من الرعي ومنعها من المرور إلى مناطق أخرى بحثا عن الكلء لأن المساحة المعنية تمثل حاجزا طبيعيا بطول 8 كلم تقريبا وهو ما سيحرم السكان من المرور في الاتجاهين،كما تم الترويج لمعلومة مفادها أن الوحدة الصناعية سيتم تركيزها ببنزرت وسيحرم سكان المنطقة من الشغل بينما سيعانون من مشاكل التلوث الهائلة التي ستطال منطقة على شعاع قدره 16 كلمتر في كل الاتجاهات، و أخيرا تم طرح موضوع المائدة المائية واحتمال ضيعها وحرمان المنطقة من الماء بالرغم من أن أغلب سكان المنطقة يستعملون ماء صالح للشراب من الشكة التونسية لتوزيع الماء ولكن خاصة من شبكة الهندسة الريفية .
وقد اجتهد المستثمر بالاعتماد على فريق عمل مكتب “تاسكو” وعلى اجتهاده الشخصي (وفي ظل غياب كلي للسلطة الجهوية ومنعها لمعتمدة باجة الشمالية وعمدة المكان اللذان اطلعا على مكونات المشروع بحكم تواصلهما مع مكتب الدراسات)وقد تمكن فريق العمل من التواصل مع السكان بشكل فردي وجماعي وهو ما سمح بدحض الشائعات الرائجة مثل موضوع المساحة المطلوبة وهي 50 هكتار وفي موقع معزول وبعيد عن القرى والغابة وأنه لا حاجة للمشروع بـ 700 هكتار ،كما أن الغابة ستضل مفتوحة أمام الرعي ،كما أن الوحدة الصناعية سيتم تركيزها بالمنطقة ( حيث تم الاتفاق مع أحد المالكين على شراء المساحة المطلوبة لبناء الوحدة الصناعية وهي معلومة متأكدة لدى السكان بحكم أن صاحب الأرض هو واحد من متساكني المنطقة )،أما بالنسبة لموضوع التلوث فإن المشروع سيستعمل تقنيات حديثة ـحدّ من موضوع التلوث بنسبة عالية جدا،ورغم هذا الجهد الذي تم بذله فإننا لمسنا جهلا كاملا أو جزئيا لدى العديد من السكان حيث بلغت نسبة الرفض 18 لنفس الأسباب المذكورة أعلاه،ونلاحظ أن السكان لا يزالون في حاجة إلى فهم المشروع بمكوناته وخصوصياتها قيل الحديث عن الإيجابيات التي سيجلبها للمنطقة،وقد كنا تحدثنا عن ثقافة وتقاليد السكان الذي يرفضون المسّ من ماشيتهم ولو كان المقابل توفر مواطن شغل أو أية خدمات أخرى بالمنطقة.
اليوم الإعلامي بمنطقة قصر مزوار
ولكننا نسجل كذلك أن عمليات التواصل بين المستثمر وفريق عمله قد خلقت مناخ من الثقة بينه وبين السكان وقد لاحظنا ذلك من خلال تصديهم لإحدى العائلات التي تصر على منع إنجاز المشروع وقد برز ذلك خاصة،عندما أراد المستثمر تنظيم بوم إعلامي وتقديم المعلومات الضرورية للسكان فقام أفراد العائلة وعمالهم بمنع تنظيم اليوم الإعلامي فتصدى لهم بعنف مجموعة كبيرة من الشبان وكاد الأمر يتحول إلى شجار عنيف وقد اختار المستثمر أن يغادر مكان الاجتماع لوضع حدّ لحالة التوتر الشديدة بين الفريقين،ورغم هذه الصعوبات فقد لاحظنا من خلال النتائج التي برزت من خلال الدراسة الميدانية حيث سجلنا 500 شخص مؤيد لإنجاز المشروع بينما عبر %18 عن رفضهم و 9% عبروا عن ترددهم . كما لاحظنا أن نسبة النساء %79 والشباب %79 يؤيدون إنجاز المشروع بقوة.
التعويضات المادية لسكان منطقة قصر مزوار.
قمنا بالعديد من الجلسات مع المستثمر ومكتب الدراسات “تاسكو ” للحديث وفهم كل مكونات المشروع ونتائج الدراسات العلمية التي تخص منطقة المشروع وقابلية الإنجاز الفنية للمشروع والتأثيرات البيئية والاقتصادية والاجتماعية لهذا المشروع ،كما قمنا بالإطلاع على محتوى محاضر الجلسات مع السلطة الجهوية والمركزية والمصالح الفنية بالوزارات والوكالة الوطنية العليا للاستثمار وكذلك مع المنظمات الوطنية والجمعيات المدنية بولاية باجة ،وسعينا بدورنا لاستطلاع تصور المنظمات والجمعيات والسلطة المحلية وقد استنتجنا من خلال ما قدمه المستثمر من وثائق وخرائط بشكل رسمي لمشروع اسمنت باجة ،أن هذا المشروع لن يحتاج إلى هدم منازل أو منشآت خاصة ولن يكون عائقا أمام تواصل كل الأنشطة الاقتصادية بشكل عادي حيث أن كل مكونات المشروع تبعد باعتبار حوزتها بما معدله 2 كم وتجدر الإشارة أن أغلب التجمعات (14 تجمع ) من جملة الـ 16 تجمعا بالعمادة تبعد عن المشروع بمسافات تتراوح بين 3 و 8 كم .
وتأكدنا أن من خلال الوثائق والالتزامات الكتابية التي قدمها المستثمر أن المشروع المذكور لا علاقة له بالغابة التي تمثل هاجسا ملحا لأغلب السكان الذين يعتبرونها المجال الحيوي لماشيتهم وموطن عملهم الموسمي، وكذلك بالنسبة للمائدة المائية والتلوث المناخي اللذان أثبتت الدراسات العلمية المسلمة لكل مصالح الدولة ،أنهما لا يمثلان خطرا على المنطقة.
وفي المقابل يلتزم المستثمر بـ :
- توفير 700 موطن شغل مباشر وغير مباشر وستكون الأولوية في الانتداب لأبناء المنطقة والجهة والذين سيتم تكونهم للغرض كما سيتمكن البعض منهم من بعث مشاريعهم الخاصة لتوفير جملة من الخدمات لشركة اسمنت باجة.
- الالتزام بالتعويض المادي لأي شخص أو جهة يثبت أنها ستتعرض لأي ضرر بسبب المشروع ،طبقا لما تقتضيه القوانين السارية بتونس.
- بناء مدرسة عصرية بالمنطقة لتعويض المدرسة الحالية وستراعي هذه المدرسة الخصوصية المناخية بالمنطقة ( شتاء ممطر وقاس وصيف حار )
- كما يتعهد صاحب المشروع برعاية تلامذة الابتدائي والثانوي من خلال توفير النقل بواسطة حافلات الشركة كما سيوفر المساعدات المادية الضرورية .
- تحسين نوعية المياه الصالحة للشراب من خلال دراسة علمية تحدد أسلوب ومصدر المياه المطلوبة.
- تشجيع وتمويل الحياة الثقافية والاجتماعية من خلال التنسيق مع الجمعية المدنية التي سيتم تركيزها بالمنطقة من قبل ابناء قصر مزوار لتكريس حوار مجتمعي متواصل مع الشركة.
- تأمين عمليات تشجير بالمنطقة من خلال التعاون مع الإدارة الجهوية للغابات
- المساعدة على حلّ المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تجدّ بالمنطقة بالتشارك مع الجمعية المُحدثة
- المساعدة على دعم النشاط الرياضي والثقافي بالمنطقة والجهة من خلال التنسيق مع منظمات وجمعيات المجتمع المدني.
واعتمادا على ما خلصت إليه الدراسة ونتائج الاستبيان من نتائج ،نَخلصُ بهامش ثقة كبير ،أن هناك قبولا سكانيا هاما رغم تواصل وجود اعتراضات حيث صوت لفائدة المشروع 500 مستجوب من جملة 692 وهم أفراد العينة العشوائية التي تم اختيارها،كما نشير أن الدراسة بينت أن هناك حاجة أكيدة لتحسين التواصل مع سكان المنطقة من خلال اللقاءات المنظمة والزيارات الميدانية الموجهة والسعي إلى التعريف بالمشروع وبكل مكوناته و وشرح خاصة المعطيات العلمية التي تبدو معقدة ويصعب استيعابها من قبل جانب هام من السكان وخاصة الآباء وجانب هام من الشبان ( 105 شبان أميين ) مستواهم التعليمي والمعرفي لا يسمح لهم بفهم من المعطيات العلمية التي تخص المشروع مع الدعوة إلى مزيد تشريك منظمات المجتمع المدني والتي قد تساعد في تغيير بعض العائلات المالكة التي لا ترغب في تغير التركيبة الاجتماعية للمنطقة والعلاقات القائمة التي تضمن مصالحهم من خلال الحفاظ على مخزون اليد العاملة (عمالة موسمية ) والدفع نحو تطوير وسائل الإنتاج لتقليل الحاجة لليد العاملة وفتح الباب أمام شباب المنطقة للعمل بصفة قارة وهو ما سيسمح بتطوير قدرتهم الاقتصادية وأوضاعه الاجتماعية،علما ان وجود المشروع سيساهم في تطوير البنية التحتية بالمنطقة وتوفير جملة من الخدمات ،اهمها الخدمة الصحية والتعليمية وكل يساهم في تحسين الوسط الاجتماعي والثقافي والرياضي وهو ما سيسمح باندماج المنطقة ضمن الاقتصاد الوطني وتحولها إلى منطقة منتجة صناعيا وكذلك فلاحيا .كما أن لهذا المشروع أهمية وطنية بسبب ما سيوفره من مواطن شغل وكذلك قيمة تكنولوجية مضافة وعملة صعبة يحتاجها الاقتصاد الوطني في هذا الظرف الصعب.
المراجع :
التعداد العام للسكان والسكنى ،المعهد الوطني للإحصاء 2014.
إسقاطات المعهد الوطني للإحصاء لسنة 2015
وثائق إحصاء ،الإدارة الجهوية للإحصاء الخاصة بمنطقة قصر مزوار
محضر جلسة المجلس الجهوي لولاية باجة
تقرير معاينة لموقع المشروع بتاريخ 09/01/2020
مراسلة من الهيئة العليا للاستثمار حول الموافقة المبدئية على مشروع “اسمنت باجة بتاريخ 15/06/2021.
المــلاحـــق
مكونات العينة
متزوج | 466 | 67.3% |
أعزب | 203 | 29.3% |
أرمل | 18 | 2.6% |
مطلق | 5 | 0.7% |
منزل ذو غرفة واحدة
منزل ذ و ثلاثة غرف
منزل ذ و أربعة غرف
منزل ذ و خمسة غرف
تصنيف الضيعات
من 1 الى 5 هكتار | 97 |
من 5 الى 10 هكتار | 35 |
من 10 الى 30 هكتار | 3 |
أكثر من 30 هكتار | 6 |
تصنيف حسب عدد الماعز
تصنيف الزراعات
زراعات كبرى | 112 | 33.43% |
ثوم | 86 | 25.67% |
طايعة | 73 | 21.79% |
نشاط أخر | 60 | 17.91 |
فلاحة سقوية | 3 | 0.9% |
خضر | 1 | 0.54% |
تصنيف العائلات حسب عدد الأبناء
عائلة ذات إبن واحد | 74 |
عائلة ذات 2 أبناء | 169 |
عائلة ذات 3 أبناء | 130 |
عائلة ذات 4 أبناء | 50 |
عائلة ذات 5 أبناء | 7 |
عائلة ذات 6 أبناء | 7 |
تصنيف الأبناء حسب مستوى التعليم
أمي | 105 | 15.46% |
ثانوي | 291 | 42.86% |
جامعي | 45 | 6.63% |
عامل فلاحي | 53 | 7.81% |
مهنة أخرى | 143 | 21.03% |
موظف | 42 | 6.19% |
مساعدة الآخرون في العمل
الزوجة | 65 | 46.1% |
الإبن | 40 | 28.4% |
والبنت | 7 | 5% |
أخرون | 78 | 55.3% |
العاطلين عن العمل
41عدد العاطلين عن العمل
عزاب | أباء | أولاد |
94 | 160 | 143 |
جدول في توزيع التجمعات والسكان بعمادة قصر مزوار.
أفراد | أسر | مساكن | محلات | اسم المنطقة | ع/ر |
414 | 104 | 105 | 110 | العباسية الضيعية | |
401 | 96 | 92 | 107 | قصر مزوار | |
259 | 57 | 56 | 58 | قصر مزوار (2) | |
270 | 62 | 61 | 63 | سيدي مهيمش | |
159 | 43 | 42 | 46 | قصر مزوار/أولاد عمارة | |
295 | 75 | 76 | 80 | العساكرة/ ع. خادم | |
165 | 43 | 37 | 39 | سيدي عسكر | |
224 | 60 | 58 | 62 | ع. بوشاب/أولاد بن ربيع | |
325 | 81 | 80 | 83 | الشرفة 1و2/الوشابنية | |
40 | 08 | 08 | 09 | قصر مزوار/ضيعة سيزر | |
262 | 62 | 62 | 62 | ضيعة سيزر قصر مزوار(2) | |
195 | 43 | 40 | 37 | قصر مزوار الحوايجية | |
171 | 45 | 43 | 43 | الحوايجية | |
286 | 63 | 61 | 62 | النهايشية | |
290 | 69 | 66 | 65 | وشتاتة 2 أولاد يوسف | |
184 | 40 | 36 | 36 | النهايشية الحوايجية | |
3940 | 951 | 923 | 962 | المجمــوع |